18 سبتمبر 2025
تسجيلرفعت وكالة موديز للتصنيفات الائتمانية نظرتها المستقبلية لقطر من مستقرة إلى إيجابية، ولكنها أبقت على التصنيف الائتماني للبلاد عند مستوى Aa3. وبالنظر إلى البيانات المالية والتوقعات الاقتصادية المبشرة، فهل كان ينبغي رفع هذا التصنيف؟ رصد المراقبون للاقتصاد القطري العديد من البيانات الجيدة بما في ذلك حدوث فائض مبشر في الميزانية، وانخفاض الدين العام من 58٪ إلى 42٪ خلال العام الماضي، ووصول قيمة أصول صندوق الثروة السيادي إلى حوالي 250٪ من إجمالي الناتج المحلي، وارتفاع متوسط دخل الفرد إلى 105.000 دولار. ويمكن أن تتفوق هذه البيانات على البيانات الاقتصادية التي سجلتها الدول المتقدمة، بما في ذلك الاقتصادات الغربية ذات التصنيف الاستثماري المرتفع. وقد منح الإعلان الصادر عن وكالة التصنيف الائتماني موديز خلال الأسبوع الماضي نظرة مستقبلية إيجابية لاقتصاد البلاد، لكنه أبقى على تصنيفها الائتماني عند مستوى Aa3. ومن المنطقي أن نتساءل عما إذا كان هذا رد فعل متحفظ للغاية. ومن الواضح أن وكالات التصنيف الائتماني يجب أن تدرس الملامح والتوقعات الاقتصادية بالتفصيل، وألا تتأثر بشكل مفرط بالبيانات الإعلامية. ولكن عند النظر إلى ملامح الاقتصاد القطري وتفاصيله، لا يؤدي ذلك كله إلى التقليل من النظرة المتفائلة. وأود أن أطرح ثلاثة مجالات محتملة للتحسين كما ذكرت وكالات التصنيف، ومناقشة مدى امتلاك الدولة لنقاط قوة في هذه المجالات وهي: الاعتماد على الهيدروكربونات، والانفاق المرتفع على مشاريع البنية التحتية، والمخاطر الجيوسياسية. فيما يتعلق بالاعتماد على الهيدروكربونات، يشير الإعلان الصادر عن وكالة موديز بتاريخ 2 نوفمبر إلى "اعتماد قطر الكبير" على الهيدروكربونات، مع الإقرار بانخفاض تكاليف الاستخراج بشكل استثنائي في قطر وأنها من المنتجين المهمين للغاز الطبيعي المسال، وهو أحد أنواع الوقود الأحفوري الأنظف، حيث يستخدم كوقود انتقالي. ولكن هذا الإعلان ذكر أن قطر بحاجة إلى التحول لإنهاء هذا الاعتماد على الهيدروكربونات، ويمكن القول إن إعلان الوكالة يقلل من الجهود التي تبذلها قطر في هذا الصدد. وتُعدُ السياحة من القطاعات التي تشهد نموًا متصاعدًا، وهناك استثمارات في مصادر الطاقة المتجددة، حيث جرى ربط محطة توليد الطاقة بالخرسعة التي تبلغ طاقتها الإنتاجية 800 ميجاوات بالشبكة الوطنية في أكتوبر من العام الحالي. وتقترب البلاد من تحقيق الاكتفاء الذاتي في إنتاج الغذاء إلى حد كبير لدرجة أنها باتت من الدولة المصدرة لبعض المنتجات الغذائية. وفيما يتعلق بالإنفاق المرتفع على مشاريع البنية التحتية، حدث هذا في الغالب خلال الفترة الماضية، حسبما أقر التصنيف الائتماني في إحدى الملاحظات. فقد شهد عقد التسعينيات وبداية القرن الحادي والعشرين إنفاقًا رأسماليًا كبيرًا، وشهدت البلاد تطورًا ملحوظًا خلال العقد الماضي، مع استعدادها لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم المزمع انطلاقها بعد أيام معدودة. وربما تكون وكالات التصنيف قد قللت من تقدير مدى التطور الذي بلغته وسائل المواصلات والمرافق والعقارات الحديثة في قطر بعدما وصلت إلى أعلى مستويات الجودة، وهو ما يوفر فرصةً لتحقيق المزيد من النمو والتنويع الاقتصادي. وفيما يتعلق بالمخاطر الجيوسياسية، ربما تكون هذه هي النقطة التي يختلف فيها المنظور الغربي عن وجهة النظر السائدة في المنطقة. وتبقى فرضية أن منطقة الخليج أكثر عرضة للاضطراب وعدم الاستقرار من المناطق الأخرى محل جدل ونقاش. فقد شهدت أوروبا حربًا بريةً واسعة النطاق في عام 2022، بينما لم يحدث ذلك في منطقة الشرق الأوسط. وقد أدت الحرب التي اندلعت في أوكرانيا إلى زيادة الطلب على الغاز الطبيعي المسال من قطر، حيث سعت الدول الأوروبية إلى توفير مصادر بديلة لإمدادات الغاز التي كانت تأتي إليها من روسيا. وتعني حقيقة أن الاضطرابات والصراعات قد ظهرت في المنطقة على مدار السبعين عامًا الماضية أن القيادات الوطنية قد طورت القدرة على الاستجابة والتكيف مع التخطيط للطوارئ والمرونة الإستراتيجية. ولا يوجد أي نموذج اقتصادي بمنأى عن المخاطر. وهناك قدر من المرونة التي يتمتع بها الاقتصاد القطري، وتشتمل القضايا التي تفرض بعض المخاطر أيضًا على بعض نقاط القوة والفرص، ونتمنى من وكالات التصنيف الائتماني الموازنة بين الاقتصاد والسياسة وتكوين نظرة أكثر إيجابية عن منطقة الشرق الأوسط.