20 أكتوبر 2025

تسجيل

خنقتهم حياً وميتاً يا جمال!

13 نوفمبر 2018

«أنا أختنق أبعدوا هذا الكيس عن رأسي، أنا أعاني من فوبيا الاختناق»! هذه كانت آخر كلمات المرحوم جمال خاشقجي أمام مبعوثي ابن سلمان لشؤون القتل والإخفاء القسري، قالها لهم وهو يُمنّي نفسه بأن بين هؤلاء القتلة من يحمل في قلبه ذرةً من رحمة يُخلّصه من الخنق الذي مارسوه عليه بلا هوادة ولا رحمة!. ظنّ ابن سلمان وجلادوه أن بإمكانهم إسكات صوت الحق وحجب العدالة الإنسانية أينما كانت، فكما أنهم استطاعوا أن يبسطوا قواعد غطرستهم وظلمهم على كل من يتنفس في أرض بلاد الحرمين الشريفين فإن غرورهم وتماديهم في التنكيل بكل من يعارضهم أو حتى من ينتقد بأدب ونُصحان لسياساتهم وصل إلى خارج حدود مملكتهم ضاربين بكل القوانين الإنسانية والدولية عرض الحائط ودونما أي احترام لسياسات الدول التي يعيش فيها أو يزورها معارضوهم ومنتقدوهم، فلا صوت يعلو فوق صوت مبادئ وقيم ابن سلمان وعلى كل من يحمل الجواز السعودي أن يضع في قرارة نفسه أنه عبدٌ مملوك لحكامها، وأنه عندما يفعل مالا يُرضيهم فإنه مهدورٌ دمه وماله وعرضه لارتكابه كبرى الكبائر وفُحش الفواحش، وعليه أن يدفع ثمن زندقته وكفره وتعدّيه على أهم شروط انتمائه لهذا الوطن الغالي وهي السمع والطاعة الخالصة لوجه حكامه فقط حتى لو كان ذلك في غير ما يُرضي الخالق عز وجل!. ولعل الله كتب أن تكون قضية مقتل خاشقجي هي خلاص شعب بلاد الحرمين من حكم ولي عهد أرعن تمادى في ظلم شعبه وأضاع ثرواته على المبتزين والسفهاء، وحاصر دولة شقيقة وقطّع الأرحام والأرزاق وزرع العداوة والبغضاء بين شعبه وشعوب دول مجلس التعاون الخليجي، ولم يتبقّ له من تماد في الظلم والغرور والكبر إلا أن يصل به الحال إلى أن يقول «أنا ربكم الأعلى»!. ظنّ ابن سلمان وجنوده أن قتلهم لخاشقجي سيطوي صفحة معارض لم يُصنف نفسه قط كمعارض بل كمحب وناصح لوطنه وولاة أمره ولكنهم مع ذلك ارتكبوا في حقه جريمة نكراء وخنقوه وودّوا لو أنهم لم يفعلوا ذلك، فكما أنه خَنَقَهم في حياته بكلمة الحق والتعبير عن آلام كل مواطن سعودي حر لما يتعرض له وطنه من تقييد للحريات ونهب للثروات فإنه أحكم خناقه عليهم بعد مماته من خلال رفض العالم أجمع للجريمة التي اقترفت في حقه وجعلت السعودية في نظر عين العدالة الإنسانية مملكة للإجرام والتنكيل وقمع الحريات، وكأن جمال يقتص منهم ويقدم روحه فداءً لأخواته وإخوانه معتقلي الرأي في السعودية والذين لطالما تحدّث عنهم بحرقة وأسى على ما تعرضوا له من قسوة وظلم، متمنياً أن يراهم في حياته وقد أُطلق سراحهم ومارسوا حياتهم كمواطنين فاعلين في خدمة وطنهم المحتضن لهم لا المنكّل بهم!. ◄ فاصلة أخيرة كل يوم يمرّ من مقتل المرحوم خاشقجي يتنفس فيه ابن سلمان وحاشيته الصعداء ويبعد عن المحاسبة الدولية وهو ما يعمل عليه جاهداً مع حلفائه لإشغال الرأي العام العالمي عن جريمته، ويخطئ من يطن أن ابن سلمان سيتزحزح عن كرسيه لأنه لا يوجد من يمتلك «الكاريزما» التي تؤهله لأن يحل محله ولو كان هناك بديل لَبَطَشَ به كما بَطَشَ بمن قبله!.