13 سبتمبر 2025

تسجيل

الأزمة السورية تطلق يد إصدار مجلات الأطفال !

13 نوفمبر 2015

قد يستغرب المتابع لإعلام الطفولة أن تصدر عشر مجلات أطفال سوريّة، خلال السنوات الثلاث الأخيرة، بالرغم من أنّها سنون حرب ودمار ومرارة ونزوح وتشرد، والأغرب أن هذه المجلات تصدر عن منظمات مجتمع مدني ومؤسسات خيرية وإنسانية، بإمكانات متواضعة وجهود تطوعية أو شبه تطوعية من كتاب ومحررين ورسامين ومخرجين، في ظل ظروف صعبة تحيط بهم، في حين أن جهود سوريا الدولة ممثلة بوزارة الثقافة والجهات المعنية بالإعلام والثقافة والطفولة لم تقم خلال 45 عاما إلا بإصدار مجلتين للأطفال وللطفولة المبكرة هما «أسامة» و»شامة»، ولعلهما في الأعوام الأخيرة تعانيان من مصاعب وتحديات مختلفة، فيما لم نر برنامجا تلفزيونيا مميزا أو قناة فضائية أو إذاعية أو دار نشر خاصة بهذه الشريحة، علما أن سوريا من الدول المميزة التي تحظى بوفرة في كتاب وشعراء ورسامي الأطفال، وبأسماء لامعة وخبرات مميّزة في هذا المجال. وعودة إلى المجلات العشر فقد لاحظت من متابعتي لها أمورا تستدعي الإعجاب، ومنها أن نصفها تصدر بانتظام على الأقل، بنسخ ورقية وإلكترونية متاحة لمن يريد متابعتها، ومنها ما يطبع من النسخ الورقية 10.000 نسخة، وأن اثنتين على الأقل تصدران بصفة نصف شهرية، فيما توجد أكثر من مجلة منها تصدر بصفة شهرية، وأن لبعضها مواقع إلكترونية جذّابة، وأن لنصفها على الأقل صفحات فاعلة على مواقع التواصل الاجتماعي وخصوصا الفيسبوك، يتم تحديثها يوميا، كما لاحظت أن عدد المعجبين بواحدة منها تجاوز 10.000 شخص، فيما تجاوزت صحيفة أخرى 7000 إعجاب، وأن أقدمهن صدورا أصدرت 70 عددا حتى الآن، كما أن بينها ما ينحو باتجاه التخصص، وتحديدا لفئة اليافعين، أو ما هو موجه للطفولة المبكّرة حصرا. ولعل هذا الإعجاب يزداد عندما تعلم أن بعض مجلات الأطفال العربية العريقة والمشهورة لا مواقع إلكترونية لها، أو أنها تحت التطوير منذ مدة طويلة، أو أن هذه المواقع في حال وجودها لا تعكس حضور المجلة الورقية، لأن درجة التحديث فيها ضعيفة، وبعضها لم يقم بذلك منذ أشهر (مثلا لا توجد نسخ إلكترونية لأعداد المجلات التي تكون قد صدرت ورقيا)، كما أنّ هذه المجلات العربية لا يوجد لبعضها صفحات على شبكات التواصل الاجتماعي، أو أنّ هذه الصفحات مهملة منذ أشهر وسنوات، وفي حال وجودها لا تستثمر لتعزيز وتفعيل صلتها بجماهيرها المستهدفة بأساليب مبتكرة، وبصفة يومية. لا شك أن صدور هذه المجلات السورية مفرح لأنها تسد ثغرة كبيرة في مجال التربية والترفيه والتوعية والدعم النفسي وبثّ روح الأمل في ظل أزمة مزلزلة تركت تأثيرها الكبير على المجتمع السوري وخصوصا الأطفال الذين يعدّون أكبر المتضررين منها، ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر أن هناك ثلاثة ملايين طفل سوري لا يذهبون للمدارس حالياً، وأن أكثر من 40% من الأطفال اللاجئين ليسوا على مقعد الدراسة، فضلا عن تفاقم عمالة الأطفال السوريين التي بلغت مستويات خطيرة. وتعدّ هذه المجلات ورقيا وإلكترونيا وسيلة مساعِدة بيد المعلمين في مدارس اللاجئين والنازحين والمخيمات وبيد الأسر لملء فراغ الأطفال والترفيه عنهم وتزويدهم بالمعارف والإسهام في توعيتهم في الجوانب المختلفة. عدد المجلات قد يعكس تنوعا مفيدا، ويكشف بنفس الوقت عن فعالية منظمات المجتمع المدني وحيويتها، ومحاولتها أخذ زمام المبادرة للتدخل من أجل خدمة الطفولة في سوريا عمليا.لاشك أن هذه التجربة النشطة تسترعي التأمل عربيا، وتقدم نموذجا عمليا في استنهاض الهمم، وعدم قبول الأعذار لجهة التقصير الكبير في خدمة إعلام وثقافة الطفل سواء من قبل الأنظمة أو منظمات المجتمع المدني.