13 سبتمبر 2025
تسجيلتأكّدت أنني لن أحتاج لمظلتي في ذلك اليوم، فقد كان الجو بارداً مشمساً عندما قرّرت للذهاب إلى الصيدلية لاستلام الوصفة التي كنت قد طلبتها مسبقاً، ودخلت في جولة عامة داخل الصيدلية كعادتي أفتّش عن بعض ما يثير فضولي مما هو جديد، أخذني الوقت بالداخل، وما أن خرجت منها حتى وجدت جميع المارة وقد أخرجوا مظلاتهم، فقد تغيّر مزاج سماء عاصمة الضباب سريعاً واختفت الشمس، وحلّ محلّها أمطار تنهمر بكلّ قوّة، ووقفت بانتظار أي سيارة تاكسي كي أعود بها إلى البيت، انتظرت قليلاً تحت المطر وأشرت بيدي إلى إحدى سيارات التاكسي مع أن ضوءها لم يكن مضاء يدل على استعداد صاحبها لتوصيل الزبائن، ولكنه يبدو أنه قد تعاطف معي حين وجدني تحت المطر، توقّف وسألني عن المكان الذي أريد، وأخذ برهه للتفكير ثم أشار بيده لي كي أصعد إلى السيارة، وما أن صعدت حتى شكرته كثيراً لأنه سيقوم بتوصيلي رغم انتهاء وقت عمله الأساسي، وإنني أقدر له أن أنقذني من الوقوف تحت المطر، فسألني من أي بلد عربي جئت، فأجبته إنني من قطر. وأبدى استغرابه عندما سمع الاسم وأخذ يردّده وكأنه لم يسمع بها من قبل، فقلت له باستغراب أكثر: ألا تعرف قطر، أنا لا أصدق هذا، ومن أهم الأشياء التي طرأت على تفكيري لحظتها كي أذكره ببلدي هي استضافتها لكأس العالم 2022، وهنا كأنه تذكّر شيئاً كبيراً وعاد ليردّد: قطر قطر، نعم إنني أتابع القناة الإخبارية الأشهر وهي الجزيرة الإنجليزية، كما إنني أحترم كثيراً المكان الذي تنطلق منه هذه القناة، ورغم الوقت القصير الذي أقضيه أمام التلفاز لمتابعة البرامج لظروف عملي المتواصل كسائق سيارة أجرة إلا أنني أحرص على متابعتها دون كلّ القنوات. وما أعجبني كثيراً إنه قال لي إن قناة الجزيرة الإنجليزية وضّحت له القضية الفلسطينية والذي كان طوال حياته ومنذ أن كان صغيراً يسمعها من طرف واحد، ويفهم أن اليهود هم العنصر الأضعف الأحق، لكنه عبر قناة الجزيرة عرف أبعاد هذه القضية ووجهات النظر فيها وتفاصيلها الدقيقة، وقال إن هذه القناة جعلتني أغيّر الكثير من آرائي الشخصية وتوجهاتي للكثير من القضايا الأخرى في العالم العربي والغربي، ووضحت لي الكثير مما كنت أجهله، ثم اختتم كلامه بتعبير مختصر جميل بأن قناة الجزيرة الإنجليزية تقدّم الخبر السياسي كمن يقدّم الطعام في طبق راقٍ بطريقة شهية. وبينما هو يتحدّث بحماس كنت أنا أشعر بفخر بأنني أنتمي لهذه البلاد. وصل بي التاكسي إلى حيث أريد، شكرته كثيرا لكلماته المهذّبة، واحترامه في إبداء رأيه، وشكرني هو كثيراً وأبدى سعادته بأن التقى شخصاً من قطر، آملا لي يوماً سعيداً. نزلت من التاكسي، كنت فخورة جدّاً، لأنني قطرية.. اشتقت لك وطني قطر.