10 سبتمبر 2025

تسجيل

الحــــرب التــي لـن تنتهــــي

13 أكتوبر 2022

بالأمس وأنا في خضم نقاشات مع زملاء لي في قناة الجزيرة وقناة العربي حول ما سوف تصل له الحرب الروسية الأوكرانية قال لي أحدهم: (صدقيني أوروبا انتهت)! فتعجبت حقيقة من هذه النظرة السوداوية التي بدت عليها كلماته وهو يختصر النقاش فعلق أحد الزملاء: (العجوز تهرم لكنها لا تموت) على غير المتبع في أن كل عجوز كلما توطدت في سنوات العمر اقتربت من الموت شيئا فشيئا لكني حقيقة لم أقتنع لا بقول الأول ولا بتعليق الآخر لنظرتي المختلفة عنهما في أن أوكرانيا لم تبد منذ البداية ندا قويا لروسيا التي استطاعت في عام 2014 أن تنتزع شبه جزيرة القرم وتضمها لحامياتها ناهيكم على قوة موسكو العسكرية وضلوعها في كثير من الحروب والنزال الذي يرجح كفتها في كل مرة لكنني في نفس الوقت أرى بأن كييف قد راهنت كثيرا وفوق المتوقع على موقف أوروبا وأن الأخيرة كان يمكن أن تحرك أسطول الناتو للدفاع عنها وهي التي كانت على بعد خطوات من الانضمام له أو هكذا ظنت لكن روسيا التي لم تبال بأي عقوبة اقتصادية على جهات ومؤسسات وبنوك وشخصيات روسية من قبل دول أوروبية بجانب الولايات المتحدة الأمريكية التي سوف يأتي الحديث عن موقفها لاحقا واصلت تحديها على كافة المستويات حتى وصلت إلى عمق العاصمة كييف وتفجر غضب الدب الروسي مع الهدية الأوكرانية للرئيس بوتين الذي كان يحتفل بعيد ميلاده السبعين والتي تضمنت شاحنة مفخخة تفجرت على طريق جسر (كيرتش) الذي يصل روسيا بشبه جزيرة القرم لتتجه غارات روسيا على كافة الأهداف العسكرية في العاصمة الأوكرانية لدرجة أن انتقام الروس وصل لمصانع تجارية كانت قد أعلنت محلاتها على عروض خاصة احتفاء بتدمير الجسر لتأتي صواريخ روسيا أسرع من تلك العروض التي لم يسعفها الوقت لتبدأ وتحتفل مع عملائها وكل هذا يحدث أمام أوروبا التي تبدو خائرة القوى بعد شح الغاز والطاقة في أنابيبها التي تتحكم بها موسكو خصوصا وأن الشتاء في أوروبا لا يبدو حنونا أمام هذه الظروف المغايرة لجميع دول أوروبا ولذا فإن كل ما راهن عليه الرئيس الأوكراني زيلنسكي في مواقف أوروبا بدا خاسرا فيه تماما وللأسف رغم تعاطف العالم من حكومات وشعوب مع الموقف الأوكراني لكن زيلنسكي اليوم يصفق أخماس بأسداس لأن العقوبات الروسية لم تطل بلاده فقط وإنما أوروبا كلها وإن لم تصل للأخيرة إلى درجة العدوان العسكري كما يحدث مع أوكرانيا لكننا كمراقبين للحدث وتبعات الحدث نؤكد بأن السحر الأوروبي قد انقلب على صاحبه وما ظنه كبارها مثل ألمانيا وفرنسا أن عقوبات أوروبا مجتمعة على شخصيات وكيانات روسية يمكن أن يمتص قوى الكرملين من تحريك جيوشه ضد أوكرانيا أكثر عاد عليها أكثر حينما أقفل بوتين صنابر إمدادات الغاز والطاقة عنها ليضعف الحائط الذي كان يستند عليه زيلنسكي ويتأمل من الحائط الأمريكي أن يصمد لمواجهة غضب موسكو خصوصا بعد الإمدادات العسكرية والمالية الأمريكية لخط دفاع أوكرانيا لكنه هو الآخر بدا هشا وقابلا للتهاوي مع وضوح الصورة وترجيح كفة روسيا في هذه الحرب غير العادلة وانشغال واشنطن بملفات أخرى كان آخرها تسوية ملف ترسيم الحدود اللبنانية الإسرائيلية وهذا انتصار دبلوماسي لها وانتصار على الأرض للأشقاء في لبنان وعليه سوف تستمر حرب روسيا وأوكرانيا في حين سوف تظل أوروبا تنازع وتغاير في مواقفها بينما سوف تتسلل واشنطن من خيوطها وأكثر ما نخشاه ولا نتمناه أن تضيف روسيا أوكرانيا ضمن حامياتها وهو أمر يلغي مفهوم الحوار كحل للنزاعات وكل منشورات الأمم المتحدة ومفاهيمها في احترام سيادة الدول دون حروب ومعارك ودماء بريئة لا ذنب لها في كل ما يجري.