12 سبتمبر 2025

تسجيل

أنا مختلف … ولست متخلفاً !

13 أكتوبر 2022

على الملأ يردد البعض ان اختلاف الرأي لا يُفسد للود قضيه، وحزبٌ آخر ينادي ان احترام الآراء من فضائل الأخلاق، ويأتيك من ينادي في الخُطب واللقاءات ان ثقافة الاختلاف في الرأي يجب ان نعلمها الأبناء ونشجع عليها الأجيال،، لا شك انها مثاليات نسعى لها في حياتنا اليومية ولكن كم من المثاليات ليست الا حبرا على ورق او بروازا لصورتنا التي نُجملها للآخرين لا اكثر. ألم يحن الوقت لتتوافق اقوال وافعال من يسير على هذا النهج !؟ فالإنسان لم يولد وهو مخير بين شكله ولونه وعرقه وجنسه وغناه وفقره وصحته فاذا ما احترمت الخلق في تلك الاختلافات فاحترم الخالق، وما دام الناس يختلفون في ألوانهم وألسنتهم، وطبائعهم وطُرق معايشهم، وفي البيئة التي يَحْيَون فيها، وفي الثقافة التي يَنْهَلون منها، فإنهم لا شك يختلفون في آرائهم وتفكيرهم، والكارثة تكمن في جيلٍ جديد ان اختلفت معه جعل منك اضحوكة أو أساء لاسمك او حرمك من حقوقك أو جعل منك شخصاً يموت في اليوم الف مره ضيقاً وقلة حيله، والعنوان العريض يقول في ظاهره (الاختلاف لا يفسد للود قضية) في حين يحمل في باطنه (انه يفضي للضغائن وتوغير الصدور)، فما أحوجنا في هذا الزمن أن نتعلم ثقافة الاختلاف بين البشر لا الخلاف، ونصون الاختلاف والتنوع ونحترم حرية الفكر والاجتهاد والاختيار مع رفض كل تمييز على أساس ديني وعرقي أو اجتماعي وإن الاختلاف في الالسن والالوان كالاختلاف في الليل والنهار والسموات والارض، فالاختلاف بناء والخلاف صورة من صور الهدم، وان اختلف معك لا يعني ان اتخلف عنك. ودعونا نتفق،، المصابون بعقدة النقص هم الأكثر علوّا في أصواتهم وهم الاكثر ادّعاء بامتلاك الحكمة والحقيقة المطلقة وهم ليسوا كذلك والمُطلق بالطبع هو خارج القدرة الانسانية، هؤلاء هم المثقفون الديكتاتوريون، وقد يتساءل البعض في معترك ما يحدث حوله من اختلافٍ يصل بالشخص احيانا للعداوة والكره الى متى هذه الثقافة التي لا تمت للمجتمع او الدين بصلة، لتكون الإجابة ان هذا لا يتم الا عبر التلاقي والحوار والتواصل مع الاخرين لنتعارف لا لنتعارك ونتكامل لا لنتصادم ونختلف لا لنتخّلف، فعملية الاختلاف في الرأي ظاهرة صحية في المجتمعات من شأنها توسيع المدارك وتعطيك سعة في الأفق وربما تجذب أنظارك لبعض النقاط التي من الممكن أن تكون قد غضضت البصر عنها مسبقاً، وإذا كان الاختلاف يؤدي إلى الهجر فأين تذهب المحبة؟ وإذا كان الاختلاف يؤدي إلى الأحقاد فأين تذهب الرحمة؟ ولماذا يبحث البعض فقط عن الأشخاص الذين تجمعهم نقاط مشتركة؟ ويرفض الاستماع ويستبعد من يختلف عنه؟، أيًّا كان هذا الاختلاف سواءً في نوع الشخصية، المهنة، الرأي والفكر، أو حتى في الاختلاف المادي! وغيره تقبل الاختلاف بين الآخرين هنا ليس بمبدأ التأييد أو الرفض، بل بمعنى الإنصات واحترام وتقبل الآخرين كما هم وبجميع الفروقات بينكم، وتعلم الإصغاء ومحاولة لفهم واستيعاب الأمور بمنطق الشخص الآخر، وعدم الاستخفاف أو الاستنقاص من أفكارهم، آمالهم، سماتهم وشخصياتهم وغيرها.. فهي تمثل وتعكس داخل أصحابها. ولعلك قارئي العزيز تعلم أننا تعودنا على عدم الإصغاء للآخرين، أو أن نتقبل، بروح رياضية، النقد الموجه إلينا بسبب تصرفات قد يراها بعضهم خاطئة، وما نراه سائداً حالياً هو الرفض التام لمبدأ النقد، أو قول كلمة فيها مجرد تلميح فقط لعيب في صديقك أو مديرك، أو زميلك في العمل، أو حتى أخيك. اذاً،، لماذا دائما انا وليس نحن ؟ انا وانت لا يتوقف علينا الكون. لا تستغرب عندما تعلم أن الاختلاف من قوانين الكون والوجود. ففي ثقافتنا فقط يتحول اختلاف الرأي الى عراك كلامي مشحون بالانفعال الذي يقود إلى الإحباط والتشنّج، عن طريق النقد اللاذع أو التهجم على صاحب الرسالة والحط من وجهات نظره وتسفيه أقواله وجرح مشاعره وخدش اعتباره.. اذ نعتقد أننا يجب أن نسحق الجميع حتى لا يبقى غير صوتنا الوحيد وقد تربينا على فكرة الانتصار والغلبة والإفحام (وإلقام الآخرين حجرا) وليس على فكرة التعددية والتشارك ومحاولة الفهم والقبول بسلمية التعايش ضمن مجتمع متعدد.. فبمجرد ما ان تختلف مع أحدهم في الرأي تجد أن الخلاف اتخذ شكلا آخر ومنحنى آخر ابتعد عن الموضوعية إلى الشخصنة، فلم يعد خلافا واختلافا بين رأي ورأي، بل أصبح خلافا واختلافا بين شخص وشخص ويتحول الأمر إلى محاول إقصاء الآخر عن طريق إهانته، بل يصل الأمر إلى حد القطيعة والكراهية. أخيراً: يقول غاندى: “الاختلاف فـى الـرأى ينبغـى ألا يـؤدى إلـى العـداء والتنـاحر والإ لكنت أنا وزوجتي من ألد الأعداء.”