16 سبتمبر 2025

تسجيل

نبع السلام.. كونـي برداً وسلاماً

13 أكتوبر 2019

هل تعد عملية نبع السلام التركية القائمة اليوم في شمال شرق الفرات تعدياً أم دفاعاً ؟ ربما وقفت دول كثيرة ضد تركيا في عمليتها هذه التي تراها أنقرة دفاعا مشروعا عن أراضيها، ويراها هؤلاء أنها تعتبر تعديا على أراض سورية لم يكن من حق تركيا أن تتوغل بقواتها إلى عمقها دون وجه حق ولكن لم استطاعت تركيا وهي دولة وحيدة أن تصر على رأيها وتشن هذه العملية التي تقول إن غايتها منها هو القضاء على العصابات الكردية التي تمثل تهديدا إرهابيا على حدود تركيا ويمكن لهذا التهديد أن يدخل إلى داخل أراضيها رغم أن الولايات المتحدة الأمريكية والتي تمثل أحد الذين يدعمون الأكراد ويراها ترامب أنهم مجموعة مقاتلة مميزة تدافع عن محيطها السياسي بصورة مميزة رفضت هذه العملية بل وسحبت قواتها من أي مواجهة تركية كردية محتملة في سياسة جديدة وضحها الرئيس الأمريكي على أنه غير مستعد لتقديم مزيد من أرواح جنوده في قضايا لا تخصه من قريب أو بعيد وقال بالحرف الواحد كفى سننسحب من هذه المنطقة التي قدمنا فيها من جنودنا الأمريكيين ولم نحصد شيئا سوى الحزن لعائلات هؤلاء الجنود ؟! لم كانت أنقرة ماضية في حكمها رغم اعتراض إيران وروسيا الداعمتين لنظام بشار وإن بدت موسكو أقل اعتراضا من نظيرتها طهران واعتبرت أن عملية نبع السلام التركية ماهي إلا نتيجة لسياسة واشنطن بالمنطقة، واللتان ترتبطان بأنقرة بعلاقات مميزة ؟! لم كانت تركيا بهذه القوة أمام دول كبرى مثل ألمانيا وفرنسا وأمريكا وبريطانيا ودول كثيرة أوروبية وغربية وأقحمت جيشها القوي في أراض سورية ولم تستطع كل هذه الدول ثنيها عن غايتها وخطتها التي مرت على تنفيذها عدة أيام وتناقلت وسائل إعلام تركية محلية وعالمية لقطات حية من مكتب أردوغان الشخصي وهو يطلق أوامره المباشرة بانطلاق عملية نبع السلام غير مهتم بمن رفض وأدان وشجب واستنكر وحاول وكأنه لم يحاول ؟! لأن تركيا نفسها تعرف من هو عدوها ومن هم الذين يمثلون تهديدا حقيقيا لأراضيها ومن الذين كانوا وراء المحاولة الانقلابية الفاشلة قبل ثلاث سنوات، وأن أهداف هذه الحملة كما صورها معارضوها ليست تشتيت الأقليات الكردية وغيرهم وإنما هو رد عداء زعاماتهم الذين يتحصنون اليوم بالمدنيين بعد أن خذلتهم واشنطن أمام شدة مراس أردوغان الذي تعهد أيضا بإقامة منطقة آمنة لأكثر من مليوني لاجئ سوري بعد أن فاضت بهم مآسيهم في الحصول على بيئة أقل ما يمكن فيها أن يشعروا بأمان بعد أن رفض لبنان والعراق استقبال الملايين منهم وعجز تركيا ععن استقبال المزيد منهم والإخلال بالتركيبة السكانية لمحافظات تركيا الكبرى ومنها إسطنبول حيث نظم الأمن التركي فيها حملات تفتيش لإخراج آلاف من اللاجئين السوريين من إسطنبول إلى باقي المدن والمحافظات التركية الذين وُزعوا عليها وكُتبت في بطاقة اللاجئين الذين يحملونها بعد أن استطاعوا التنقل بين هذه المدن وأضروا بذلك ما سعت له أنقرة من توزيع عادل لهم على مدى دولتها الكبيرة. اليوم تبدو تركيا أقوى بكثير من معارضيها وأعني دولا كبرى ولا تأبه أيضا بمعارضيها ومكتفية تماما بالداعمين لها لا سيما الأصدقاء مثل قطر وباكستان وأسبانيا وأذربيجان وغيرهم ممن اطلعوا على كثب بمهام وغايات هذه العملية التي أسمتها تركيا بنبع السلام وأكد فيها الزعيم التركي رجب طيب أردوغان على أن وحدة الأراضي السورية تقع على عاتق بلاده وأن كل المخاوف من هذه العملية لا أساس لها من الصحة ونحن هنا في قطر نتمنى للشقيقة تركيا أن تحقق ما تصبو إليه هذه العملية التي نرجو ألا تمس مدنيا آمنا ولا صغيرا أو كبيرا لا ذنب له في هذا كله. فاصلة أخيرة: ندعو الله أن تأمن تركيا من كل مكروه لا يريد بها خيرا ولا أمنا. [email protected]