19 سبتمبر 2025

تسجيل

البلوغرز في الحرب الأوكرانية

13 سبتمبر 2022

تسيّد بلوغرز التلغرام تغطية الحرب الروسية الإعلامية في أوكرانيا، بعد أن أقفلت الحكومة الروسية منصتي الفيس بوك والإنستغرام، مما مهّد الطريق لمنصة التلغرام الروسية في تسيّد تغطية ساحة الحرب، تماماً كما تسيّدت التيك توك الحرب كذلك لكن من بعيد، وليس بتغطية مباشرة مقارنة بالتلغرام الروسية. الفارق بين المنصتين أن بلوغرز التلغرام كانوا صحافيين روسيين، مرافقين بالأصل للقوات الروسية، ويغطون الحرب لصالح محطاتهم الإذاعية والتلفزيونية، لكن لديهم حساباتهم على التلغرام إلى جانب تغطيتهم الرسمية، بخلاف التيك توك الذي يعد مشهوراً في الصين أكثر من غيرها، ومن ثم لم يكن له تلك الميزة في مرافقة القوات الروسية، فضلاً عن أن يكون قريباً من الحدث كحال صنوه التلغرام. يوري بودلا الصحافي الأوكراني الذي التحق وعاش في القرم عام 2014 بعد ضمها من قبل روسيا، كان منشقاً عن بلده أوكرانياً، ومفضلاً العيش في كنف روسيا، وبودلا من أشهر الصحافيين الروس على التلغرام إن لم يكن أشهرهم، إذ إن لديه 2.3 مليون متابع على المنصة، بينما نرى محطات تلفزيونية شهيرة ليس لديها أكثر من مائتي ألف متابع. يحذر بودلا من باب الحرص على القوات الروسية، كونه مؤيداً لها بالكامل بقوله: "إذا استمر العسكر في روسيا بالتهوين والتقليل من انتكاساتهم العسكرية، فإن الروس سيتوقفون عن الثقة بوزارة الدفاع الروسية، وسريعاً ما سيفقدون الثقة بحكومتهم". ربما هذا ما دفع شخصية مثل رمضان قديروف وهو رئيس الشيشان الحالي، والمقرب لبوتين، إلى التهديد باللجوء إلى بوتين، والكشف له عما جرى من تقصير عسكري روسي، وكأن بوتين لا يعلم بالتفاصيل!!، وربما كان تلميحه قبل أيام بالاستقالة، له علاقة بتلك الانتكاسة المفاجئة للجيش الروسي في أوكرانيا، إذ إنه ربما كان يعلم بتفاصيل الانتكاسة قبل حصولها. كان أول من كشف عن الانهيارات الروسية في أوكرانيا التلغرام، وهذا بالتأكيد سيُسجل في تاريخ الإعلام الجديد، الذي أخذ دور الإعلام القديم من صحف ومحطات تلفزيونية وإذاعية، والذي كان الأجدر بالتحذير والكشف، فمنذ 30/8 وبلوغرز التلغرام الروسي يتحدثون عن استعدادات أوكرانية لشن هجوم كبير على "بلالكيا"، بينما كانت القوات الأوكرانية توهم القيادة العسكرية بهجوم على جبهة أخرى، فابتلعت القيادة العسكرية الروسية طعم الوهم الروسي، ليتبين لاحقاً أن ما كان يحذر منه بلوغرز التلغرام، أدق مما تستعد له القوات العسكرية الروسية، بالتصدي لهجوم وهمي لا واقع له، فكانت المفاجأة التي تحدث عنها الجميع، وكان الانسحاب الروسي الفوضوي الذي وصفه الضباط الروس بالسريع والمذهل، الذي أصاب منظومة القيادة كلها فانهارت. وللسائل أن يتساءل عن سرّ صمت القوات الروسية عن هذه الشريحة الإعلامية من البلوغرز، الذين يبدون ظاهرياً وكأنهم ضدها. يفكّ هذا اللغز مدير المخابرات المركزية الأمريكية السي آي إيه ألن دالاس في كتابه (كنت مديراً للسي آي إيه) حين يقول: "الشيوعية نظام يتعامل بتشدد مع كل شيء باستثناء أتباعه المتطرفين"، ولذا فإن الروس يتسامحون مع وجود أمثال هؤلاء، لأنهم يتشاطرون وإياهم النظرة الواحدة للإمبريالية الأمريكية، ويتفقون معهم على أنها العدو، ولذا فكل ما ينشرونه يُنظر إليه على أنه حرص على روسيا، وليس شماتة فيها، أو نيلاً منها.