19 سبتمبر 2025

تسجيل

الانتخابات وتكريس الهوية على الحرية

13 سبتمبر 2021

ندخل الانتخابات بعد أيام بمفهوم للهوية هو في حد ذاته تكريس للماضي أكثر منه انفتاحاً على المستقبل، بالرجوع إلى مرجعية أولية وهو نوع من الفوبيا أكثر منه مزيداً من الحرية التي تتطلبها كل عملية انتخابية. فالخوف على الهوية ينطلق أساساً من عجز الثقافة عن تحويل النص إلى معنى، فاحتفظنا بالهوية كنص ثابت وليس كمعنى شعوري يتحرك مع الزمن. إشكاليتنا التاريخية هي في تصورنا أن الهوية معطى ماضوي وما على الأجيال سوى الدفاع عنها وعن شكلها المكتمل الموروث. لا يتقدم المجتمع إطلاقاً ما لم تكن هويته أمامه وليست خلفه، ليست هناك هوية خلف المجتمع، هناك تاريخ له سمات وتراث له مميزات يبنى عليها ويراكم حولها من خلال المرور خلال الزمن، الهوية الإسلامية هي اختراق للزمن وليست ثباتاً بحكم صلاحيتها لكل زمان ومكان، وهويتنا العربية هي جزء من الهوية الإنسانية في امتداد للإنسان بصفته مشروعاً وليس بصفته تميزاً عن غيره من البشر. أكثر المفاهيم تداولاً في حياتنا اليومية هو مفهوم «الحوار» وأبعد المفاهيم تحققاً هو نفسه، لأن الحوار لا يكون في الماضي وعن الماضي، عندما نشعر باكتمال هويتنا وتحصنها، فكل ما ينتج عنها هو بالضرورة مكتمل وتام في الماضي. هناك ارتباط بين ثروة المجتمع ونظرته للهوية، نظرة المجتمع للهوية بأنها ماضٍ مكتمل يجب الحفاظ عليه، يصرف الثروة باتجاه الماضي الموروث سواء كان تاريخاً أو بشراً. المجتمعات المتقدمة ثروتها جزء من هويتها المستقبلية، فهل هي بانتظار المستقبل وتغيراته، فمفهوم التضحية لديها له ارتباط دنيوي، بينما لدى أصحاب الهوية المنجزة له ارتباط ديني بحت إلى حدٍ كبير. مأزق الهوية، هو نفسه مأزق الدولة، الهوية العربية والإسلامية في مأزق، لأن الدولة العربية والإسلامية أصلاً في مأزق المشروعية المستقبلية، لأنها شكل من أشكال الماضي المقيم. الهوية التوافقية هوية سياسية، وليست دينية، هي هوية مستقبلية تستمع للآخر دون فزع، وتحاور المختلف دون خوف، فلذلك تتطور ويتطور معها المجتمع، الخوف والرفض والاستنكار المسبق يدل على أن المجتمع لم يدخل بعد عصر السياسة ويعيش على ميكانزمات الدفاع والفزعة، فهو يرتاح ويستريح لاستماع ما يريده، لا ما قد ينفعه مثلا، لذلك ترى أفراده يهرولون جرياً للاستماع بما هو معلوم لديهم بالضرورة، فالتأكيد هنا بقدر ما يمثله من راحة، بقدر ما يمثله من ثبات مذموم. [email protected]