11 سبتمبر 2025
تسجيلأمس الأول، كانت الذكرى لهجمات الحادي من سبتمبر، وهي مناسبة لإعادة تقييم مرحلة مريرة مرت على العالم العربي والإسلامي، لقد تغير وجه هذا العالم الشرقي، أسقط الغربيون حكم طالبان الذين حكموا عقب الحرب الأفغانية الروسية وطردوا الموالين لموسكو وإيران، وبعد عشر سنوات من خلاص الأفغان من الحشيش والأفيون والسم الأبيض على يد طالبان، عادت أفغانستان إلى عادتها القديمة، زراعة المخدرات وتصديرها للعالم، وبقاء الفقر والتشريد هدية العالم لأجيالها، فيما موتاها لا أحد يتذكرهم أو يعرف عددهم بالضبط، فهم ليسوا أكثر من طرائد حصدتها بنادق الجنود ورشاشات الطائرات العمودية وصواريخها وقنابل الطائرات والمدرعات، واليوم لا أحد يتذكرهم بعد ثماني سنوات عقب خروج آخر الجنود الشقر. إعادة التقييم لمرحلة ما بعد 11\9 لن تكون مفيدة أبدا، فتوني بلير رئيس وزراء بريطانيا السابق والمعترف بأن غزو العراق كان مبنيا على أخطاء ومعلومات استخبارية مضللة، قد خرج من القاعة ولم يشتمه أحد، فهم كأنما يتحدثون عن فئران في مجاري لندن السفلية، فالعراق الذي كان يوما الزاوية الكبرى للعالم العربي، أصبح لا شيء على الإطلاق، بعدما غزوه الأمريكان، وقاموا بحل الجيش، والقبض على صدام حسين والعديد من أعضاء خلية الحكم، وتم إعدامهم، نرى اليوم كيف أن العراق الرسمي والشعبي قد خرج من الخارطة السياسية العربية، إنه مشتت ما بين الأكراد الذين يبحثون عن وطن قومي، وما بين الشيعة الذين يرون أن إيران هي قبلتهم ودولتهم ونظامهم ولهذا من الممكن أن يتم إبادة السنة هناك لأنهم بدؤوا حركة المقاومة للغزو الأمريكي والحلفاء، ومن الممكن أن يعيدوا بناء قوة سنية جديدة في العراق.إن إرهاصات فترة أحداث 11\9 وما تلتها من كوارث ضد البشر والبيئة والاقتصاد جراء ماكينة الحروب التي جرّد لها آل بوش و شركائهم في العالم الغربي والعربي، قد أصولت العالم العربي الى ما وصل له اليوم من الضعف الشديد وتقطع اوصاله وهدر ثرواته بعدما فقد تلريونات الدولارات، وباتت التنمية البشرية هي آخر اهتمامات الدول، وما جرى لبلاد كسوريا وليبيا واليمن ومصر وتونس والسودان والصومال يؤشر على عدم قدرة العالم العربي والاسلامي على التفكير في غزو الدول الأخرى ولا حتى قدرته الدفاع عن نفسه، لهذا يخرج بين الحين والآخر شبابا ضائعا ما بين التدين المتطرف والحياة المتعبة، ليفجروا ويهددوا السلم الاجتماعي في العواصم العربية والغربية.السؤال الذي يطرح نفسه بعد خمسة عشر عاما هي حصيلة المطاردة الأمريكية لتنظيم القاعدة في افغانستان : هل فعلا كانت واشنطن تطارد تنظيم القاعدة، وهل تم القضاء على التنظيم بمجرد تصفية زعيمه أسامه بن لادن، وما الذي كان يجري في الخفاء، مطاردة التنظيم أم استهداف بعض قادته الخارجين على القانون، لأن ما يراه العالم من السكوت الأمريكي الرسمي على تنظيم داعش وعدم مقاتلته بشكل فعلي، يذكرنا بما جرى مع التنظيم الأم حنما كان يطوف رجاله من المجاهدين ومن المجانين حول العالم من شرق أفغانستان وباكستان إلى وسط أوروبا ثم إلى الشيشان ثم الصومال فاليمن والسودان، ولم تتحرك الولايات المتحدة للتحشيد إلا بعد هجمات الحادي عشر من سيتمر سبتمبر 2001 إن تهديدات زعيم القاعدة ايمن الظواهري، التي أطلقها عشية الذكرى المؤلمة ليست سوى إعادة تذكير للغرب أن يزيدوا من درجة حقدهم على العرب والمسلمين، وأن يجددوا إجراءاتهم التعسفية ضد كل المسلمين، فالمواطن الأمريكي لا يثق إلا بما تنقله له الصحافة، وما يكذب عليهم به قادتهم، ولهذا يجب إعادة بناء قلاع فكر ديني معاصر ومتمدن لمواجهة ذلك التخلف الذي يمثله تنظيم القاعدة وما نتج عنه من تنظيمات فرعية، لا يزال العديد من الشباب لا يرى سواهم على الساحة ليتبعهم. إن بقاء الشعوب العربية تسبح في هذا البحر المتلاطم من الحروب والأزمات والتعقيدات التي تضعها الدول على مواطنيها أو الدول الشقيقة الأخرى، لن يغير في مستقبل الأجيال شيئا، بل ستولد أجيال العرب والمسلمين قريبا مليئة بالحقد والكراهية والتخلف ايضا، وستبقى أجيال الغرب يتوالدون وسط رفاهية حاقدة على كل ما يأتي من الشرق، إنه شرق بن لادن وقاطعي الرؤوس، والشباب المهووسون بالقتل والموت، ولهذا سيبقى بن لادن يولد من جديد ما دام المشكلة الأصلية لم تحل، لا في فلسطين ولا في غيرها من بلاد العرب.كل عام وأنتم بخير