01 نوفمبر 2025
تسجيلأصبح الأمر متكررا من قبل النظم الديكتاتورية العربية.تلك الأنظمة، تسلم الأسلحة التي دفعت الشعوب أثمانها الباهظة من قوت يومها، إلى الأعداء أو الخصوم دون حرب، لأجل الحفاظ على بقاء وحياة الحاكم الديكتاتور الفرد، ضاربة عرض الحائط بأحاديثها التي فلقت رؤوس مواطنيها بها، حول أهمية تلك الأسلحة التي تشكل المكافئ الإستراتيجي للفقراء (السلاح الكيماوي) في مواجهة القوة الهجومية الإستراتيجية للدول الغنية المتقدمة (السلاح النووي)، وعن أن السلاح الكيماوي هو الرادع الذي يحقق التوازن مع الأعداء، بل قيل إن مثل هذا السلاح هو ما يحقق الاستقلال وأن من لا يملكه لا يتحقق له استقلال قراره السياسي أو الوطني..الخ. الأدهى والأمر أن مثل هؤلاء الحكام لا ينقذون أنفسهم ولا نظمهم حتى بعد أن يسلموا تلك الأسلحة التي تمثل القدرات الإستراتيجية لبلادهم، بل هم يلقون مصيرهم حتما على أيدي من سلموا لهم السلاح.فحين يفرط هؤلاء الحكام في ثروة وقوة بلادهم لأجل إنقاذ أنفسهم أو لأجل بقائهم حكاما، لا يشفع لهم ذلك لدى الخصوم الذين يطورون مواقفهم حتى يصلوا إلى قتل هؤلاء الحكام، وفق قاعدة أن من يسلم سلاحه يقتل.وبذلك يرتكب الحكام ثلاث مصائب في وقت واحد.هم يبددون ثروة البلاد، ويهدرون معالم قوتها، وهم حين يلقون جزاء سنمار يأخذون بلادهم إلى القصف والتخريب بأكثر مما يخربون هم. لقد كان النموذج الليبي مثالا واضحا ومحددا، إذ ما إن رأى القذافي ما آل إليه مصير الرئيس العراقي صدام حسين، حتى بادر هو بطلب تسليم سلاح بلاده الإستراتيجي، فما كان من الولايات المتحدة إلا أن رحبت ومنحته فسحة من الوقت حتى ينهي عملية التسليم.وهكذا ظن أنه نجا، وتصور أن وضعه الجديد يسمح له بأن يطلق يد القتل ضد شعبه، فكان ما كان خلال الثورة الليبية التي انتهت بذهاب القذافي قتيلا. كارثة الأسد في سوريا أشد، فهو لا يسلم السلاح الكيماوي السوري وفق عرض بوضع سوريا تحت الوصاية الدولية حتى يستمر حاكما لسوريا، ولكنه يسعى إلى وقف ملاحقته عن جريمة استخدامه هذا السلاح ضد شعبه.الأسد وروسيا لا يحاولان مقايضة السلاح الكيماوي ببقاء الديكتاتور في الحكم فقط، بل يستهدفون أن يكون تسليم السلاح الكيماوي السوري شرطا لعدم محاسبة بشار على جريمة قتل شعبه باستخدام السلاح الكيماوي.هي محاولة لإغلاق الملف وتبديد فكرة محاسبة القاتل وإسقاط الجريمة عن المتهم. هنا يسجل الأسد مقايضة هي الأبشع.هو يبدد ثروة وقوة سوريا لأجل إسقاط الجرائم عنه، بعد أن سجل في سجل الجرائم أنه الحاكم الديكتاتور الذي قتل شعبه بكل أنواع السلاح بما في ذلك الكيماوي.هو من حول قوة الردع الإستراتيجية والمكافئ الإستراتيجي تجاه الدول الأخرى، إلى قوة قتل لشعبه. روسيا وأمريكا ترى في ذلك حل يحقق لكل منهما مصلحته على حدة.روسيا قبضت من قبل ثمن هذا السلاح، ومن مصلحتها الآن إنقاذ بشار واستمرار حلفها المشكل من بشار وإيران وحزب نصر الله دون إجهاض لقدراته بضربة عسكرية أمريكية.وأمريكا ترى في الأمر مصلحه إستراتيجية لإسرائيل بزوال هذا الخطر على حدودها في ظل وضع غاية الاضطراب في سوريا.وكلاهما يرى أن انتصار المعارضة على بشار وسوريا لديها قوة ردع إستراتيجي هو أمر خطر على مصالح كليهما.هي صفقة لإعداد سوريا لما بعد الأسد. أما ثورة الشعب السوري وجريمة بشار بقتل هذا الشعب بكل أنواع الأسلحة بما في ذلك السلاح الكيماوي، فهي في ذيل قائمة الاهتمامات الدولية للأسف.