02 نوفمبر 2025

تسجيل

الأوبئة والنزاعات والكوارث تهدد نمو الاقتصاد العالمي

13 أغسطس 2014

الأمراض والأوبئة والكوارث الطبيعية والنزاعات تتسبب في تراجع نمو الاقتصاد العالمي، لكونها تهدر الجهود والموازنات المرصودة للنهوض بالصحة والتعليم والبنية التحتية، وتضرّ بآليات العمل المشترك بين الدول، وتكلف الكثير من الوقت للعودة إلى وضع مقبول يساعد على النمو. تخلف الكوارث الكثير من الآثار الضارة والخسائر الاقتصادية على التنمية البشرية والبنية التحتية والمشروعات الصحية والتعليمية والبيئية وغيرها.فالعالم اليوم يموج بصراعات ونزاعات، ولعل أبرزها منطقة الشرق الأوسط الذي يعاني من اضطرابات، أضرت باقتصادات الدول كثيراً، ومنطقة اليورو التي تعاني من أزمات مالية متلاحقة، وتسببت في إحداث خلل بالإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية.ورغم الجهود الدولية المبذولة لتحسين أوجه الأنشطة الاقتصادية المختلفة، وحجم الإنفاق المهول على المشروعات المستقبلية، إلا أنّ تقديرات تداعيات آثار النزاعات والأزمات المالية تبدو آثارها ملموسة ومؤثرة.يفيد تقرير حديث للبنك الدولي أنّ أكثر من 7 دول تضررت من آثار النزاعات وعدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وهي لبنان والعراق وليبيا وإيران ومصر وتونس واليمن والأردن والسودان وفلسطين، والتي تفاقمت أوضاعها الاقتصادية بعد ثورات الربيع العربي، مما أضعف اقتصادات الشرق، فبدلاً من النهوض نحو التنمية تسببت تلك الصراعات في العودة إلى الوراء.وتفيد منظمة الصحة العالمية في تقاريرها أنّ الكوارث والطبيعة والأمراض الفتاكة والأوبئة التي ظهرت في السنوات العشر الأخيرة، كانت لها تداعيات اقتصادية مؤثرة، أضرت بالمشروعات المستقبلية، فبدلا ً من التوجه نحو المستقبل أصبح من الضروري التوقف لمعالجة آثارها الناجمة التي انعكست سلباً على البيئة والاقتصاد والحياة الاجتماعية. استعرض هنا بعض التقديرات التي أوردتها منظمات دولية بشأن مخاطر الأوبئة والكوارث، حيث تشير منظمة الأغذية العالمية الفاو إلى أن هدر الغذاء يكلف 750 مليار دولار سنوياً، وكميات الغذاء المنتجة تصل إلى 1.3 مليار طن إما تفقد أو تبدد سنوياً، واتساع الفجوة الغذائية بين الإنتاج والاستهلاك بوتيرة متسارعة، فقد بلغت في 2010 حوالي 34 مليار دولار، وبلغت في إفريقيا بـ14 مليار دولار.وبالنسبة للأوبئة فقد تسبب وباء أنفلونزا الطيور في خسائر للاقتصاد العالمي بأكثر من 800 بليون دولار في عام واحد، وسوف تتسبب الآثار الناجمة عن الأمراض المزمنة في الصين والهند والاتحاد الروسي بخسارة مليارات الدولارات على مدى العشر سنوات القادمة.ومن المتوقع أن تسبب أمراض القلب والسكتة والسرطان والسكري ما بين أعوام 2005 ـ 2015 خسائر تراكمية بأكثر من 558 مليار دولار، وفي الاتحاد الروسي بأكثر من 303 مليارات دولار بسبب هذه الأمراض، ومن المتوقع زيادة إصابة الكثيرين بفرط البدانة والسمنة بأكثر من مليار ونصف المليار بحلول 2015.وتعد منطقة الخليج من أكثر المناطق تأثراً بازدياد الأمراض المزمنة عالمياً، ومن المتوقع أن تتسبب الأمراض غير المعدية في نحو ثلاثة أرباع من الوفيات عالمياً بحلول 2030، أيّ بارتفاع قدره 63%، وتبلغ القيمة التقديرية لعبء الأمراض غير المعدية في دول الخليج نحو 36 مليار دولار بحلول 2022. وتوقعت منظمة الصحة العالمية أن تفقد الصين 538 مليار دولار من ناتجها الإجمالي حتى 2015 من جراء أمراض القلب والسكري، وكذلك الهند أن تفقد نحو 237 مليار دولار، مما يمثل 1.5% من ناتجها الإجمالي خلال الفترة ذاتها.ويصل عبء التكاليف الاقتصادية للأمراض غير المعدية في الدول النامية ما بين 0.2% إلى 6.7% من الناتج القومي الإجمالي للدول، كما تشير التوقعات العلمية إلى أنّ 2030 ستشهد زيادة في عدد الوفيات من جراء الأمراض المزمنة مثل القلب والسرطان والسكري.أما الكوارث فقد تسببت بخسائر اقتصادية في 2010 بأكثر من 109 مليارات دولار، وخلفت تراكمات ناجمة عنها بخسائر قدرت بأكثر من 138 مليار دولار، وتسببت الحوادث المرورية في خسائر ناهزت الـ 518 مليار دولار، وكبدت المنطقة العربية خسائر قاربت الـ 65 مليون دولار سنوياً، وكلفت الحوادث البلدان من 1% إلى 3% من ناتجها القومي الإجمالي، وبلغت نسبة الخسائر من جراء الحوادث نحو 19.1 مليار دولار سنوياً، ونحو 76.4 % في الدول العربية.كل هذه البيانات الإحصائية المخيفة للأضرار التي تخلفها الكوارث والأوبئة على مستوى عالمي، تجعلنا نقف على أعتاب أزمات جديدة.. والعالم اليوم يسعى جاهداً لتلافي أوبئة أيبولا وكورونا، لتجنيب الاقتصاد خسائر مدوية، لا تمتد أثرها على الصحة فحسب إنما على التنمية البشرية والاقتصاد وأنماط الحياة المختلفة. هذا يتطلب من المنظمات الدولية ومؤسسات الاقتصاد العالمي إعادة النظر في آليات مواجهة تداعياتها بما يتناسب مع الأوضاع الراهنة للمنطقة، وبما يتناغم مع الاحتياجات البشرية، والواقع الاقتصادي.وإذا أخذنا دول الخليج نموذجاً لتبيان الجهود التي بذلتها لتلافي تلك الأضرار فإنها خصصت موازنات ضخمة من حجم إنفاقها السنوي لقطاعيّ الصحة والتعليم، بهدف الحد من الآثار السلبية للأمراض والأوبئة، ووضعت استراتيجيات حتى 2016 لمواجهة كل الاحتمالات السلبية من آثار الأوبئة أو التغير المناخي أو الحوادث.كما عملت على احتواء تلك المخاطر بالخبرات والبحوث بهدف الحفاظ على الوضع الراهن للاقتصاد وعدم الإضرار بالتنمية البشرية لديها، والإنفاق السخي على مختلف أوجه المواجهة مع الأمراض والكوارث، للنهوض ببنية اقتصادية قادرة على تلافي المخاطر أو التخلص منها.