26 سبتمبر 2025
تسجيلما أروع ذلك المشهد الذي يتجمع فيه المسلمون في مكان واحد، يرددون نفس الدعاء ويؤدون نفس المناسك، إنها لوحة فنية تجلت فيها قدرة الله عز وجل أن يكون هذا المشهد في بيته الحرام، الذي تهفو إليه الأفئدة وتسعد الأنفس بالوصول إليه هناك، حيث لا فرق، الكل يرتدي نفس اللباس لا تعرف الغني من الفقير ولا العربي من الاعجمي ويتساوى فيها الجميع من كل لون وجنسية وبلد، الكل جاء إلى هذا البيت الحرام ليؤدي مناسك العمرة، واختار شهر رمضان لذلك كون العمرة في هذا الشهر تعادل حجة كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم. لا تكاد تجلس في مكان ما من ذلك البيت الحرام إلا وتجد من يتحدث إليك بلغة تختلف عن لغتك، ويحاول أن يتواصل معك بأية طريقة، المهم انه يريد أن يخبرك بأنه سعيد بوجوده في بيت الله الحرام، وانه ظل سنوات طوالاً وهو يجمع القرش على القرش كما يقولون حتى استطاع أن يوفر ثمن رحلة العمرة هذه. تقف مشدوهاً وأنت ترى شيوخاً وقد احدودبت ظهورهم، ومع ذلك فهم يؤدون صلاتهم بخشوع دون تعب، ويطوفون حول الكعبة وهم يرددون الدعاء ويتوجهون إلى الله عز وجل بقلوب نقية تعكسها وجوههم المضيئة. مشهد لا يمكن أن يكون في أي مكان في العالم الجميع يقف منتظماً، ومنهم من يطوف ومنهم من يسعى بين الصفا والمروة، ومنهم من يقف رافعا يديه يدعو ربه والدموع تسيل على وجهه وتغطي لحيته أو ملابسها، انتظام عجيب لا يمكن أن يكون إلا بقدرة قادر استطاع أن يجمع هؤلاء لينتظموا في صف واحد يؤدون نفس الحركات في نفس اللحظة، يجمعهم الإيمان بالله عز وجل وملائكته ورسله وكتبه واليوم الآخر والقدر. إنهم ضيوف الرحمن جاءو من كل مكان ومن كل حدب وصوب، يرجون رحمته ويطلبون مغفرته، رغم انهم للأسف كثيرا ما يجهلون آداب الزيارة لبيت الله الحرام، وذلك بسبب عدم العلم بها، والكيفية التي لابد أن يكون عليها الزائر للعمرة أو الحج، فتراهم قد يتصرفون بسلوكيات قد تسيء!! ذلك المكان، وقد لا يقومون بالواجبات الصحيحة لأداء الفروض والمناسك، تراهم فقط يؤدون حركات قد لا يدركون كنهها، اللهم إنهم تعلموها ممن أراد لهم ذلك، وفي هذا نقص كبير في التوعية السليمة لاداء الواجبات الدينية وخاصة لشعوب المناطق الآسيوية الفقيرة الذين لم يجدوا من يقوم بتعليمهم المبادئ السليمة للكثير من الواجبات وتراهم مخطئين في العديد منها، وكان الأولى بمن يخطط لاحضار هؤلاء إلى الأراضي المقدسة أن يعطيهم دروساً واضحة بكيفية العمرة وأداء الفروض أو المحافظة على قدسية المكان ونظافته وبالتالي نظافتهم وهم يؤدون مناسكهم. إن الواجب على المسلمين في العالم توجيه الوسائل والاساليب التي توعي هؤلاء ويقع على عاتق منظمة الدول الإسلامية توفير الكوادر والكفاءات التي توفدها إلى تلك الدول لاعطاء دروس في التوعية وكيفية أداء الواجبات الدينية والتعامل مع تلك الأماكن المقدسة، وتوفير الوسائل التعليمية والتوضيحية في هذا المجال. كما أن هناك بعض الأفراد من الدول العربية الإسلامية قد يأتون بسلوكيات مرفوضة في بيت الله الحرام، كان من الأجدر بمن يأتي بهم ويتكفل بتوصيلهم توعيتهم بكل ما يمكن أن يصون ويحافظ على قدسية هذا المكان. وهذا ليس بالشيء الصعب بل إنه من الواجبات اللازمة على المسلمين في كل مكان، حتى لا يقول قائل، ذهبت إلى مكة ووجدت الإسلام ولكن لم أجد المسلمين، يعني يؤدون ما عليهم بحق.