31 أكتوبر 2025

تسجيل

الأنا والأنانية!

13 يوليو 2023

• كن كيفما تود أن تكون، وكيفما تريد أن تكون، وبالصورة التي بها تكون؛ ولكن لا تكن أنت والأنا والإنسانية في أعماقك وحياتك وسلوكك وألفاظك وكل حياتك كرداء تحرص على ارتدائه وتفرض لونه ونوعه وشكله وتفاصيله وسلوكه على من حولك.! كن كيفما تود أن تكون اجتماعياً، انطوائياً، محباً، حنوناً، نكديا، مجنوناً.. كيفما تود أن تكون.. سيتحملك من حولك.. وسيعرفون عيوبك وتقلبات مزاجك وأهواءك.. ويستشفون مزاياك.. ويثنون عليها وتبدو كل تلك واضحة كوضوح الشمس في كبد السماء. • لكن لا تكن أنانيا..أنت وأناك.. في دائرة تدور فيها لوحدك، لا تكن في زمن تعيش فيه وتقود مركبته بمفردك، تتحدث عن أنا ذاتك وتضخيمها، وأنا ماضيك رغم فقرها، وأنا مستقبلك الذي تجهله، وأنا طموحك المفقود! وأنا أحلامك كالسراب، وأنا أهدافك القريبة والبعيدة، وأنا غايتك.. وأنا رفاهيتك المزورة! وأنا للأنا الكثير من أنانيتك، وكأن المكان لا مكان ولا صدى فيه ولا انعكاس صورة إلا لصوتك وملامحك وأنانيتك. • ويتصور الأناني أن الأرض وُجِدت ليتحرك هو فقط وكل ما عليها سُخر له، والناس خلقوا لتحقيق رغباته، وينسى العالم الكبير الذي يعيش ضمنه.. بأنه عالم يضمه ضمن مجموعة لا بد أن تكون ضمنه وتتكاتف. • اعتدنا أيام الدراسة وحتى لحظات اللهو على التعاون وغرس تلك القيمة وقيم كثيرة جميلة في نفوسنا.. لتكون ضمن تكوين أخلاقنا، لم نعرف معنى أن يكون الإنسان أنانياً! معنى أن يفضل مصلحته على غيره، معنى أن يجعل المصالح لأهدافه تتصالح، معنى أن أسعى لك.. وأركض هنا وهناك وأطرق الأبواب وأختار اسما من قائمة الأرقام للتواصل لأنانية ذاتية أبتغيها.. لم نكن نعلم بتلك الأشياء وغيرها من غريب الأخلاق والسلوك إلا في زحمة ومكان ومجالات تفرض وجود أشكال من العقول!. • من حمل شعار الأنا.. وتقلَّد بقلادة الأنا على صدره.. وعلق لوحة لصورته والأنا على جدران ذاته وبيته وعلاقاته يخسر ويبدد من وقته الكثير، وإن كان يعتقد ويتصور أنه يكسب الكثير، ما يكسبه مؤقت، وما علا شأنه سيُهدم ويتهاوى كجبل من الأوهام، وقلعة من الرمال. • يتصور أن أهدافه تتحقق من خلالهم كما يود، ولا يعلم بتلك اللحظة القادمة التي لا يجد بابا يُفتح له، ولا أذنٌا تصغي له، ولا يَدا تمتد له. يظل الأناني وحيداً..مهما كثر الناس حوله، يبقى دون صديق وحبيب وقريب.. حتى عدو بعيد يعاديه! • من عاشوا ولامسوا ووجدوا مع تجارب ناس وأشكال من الوجوه والأخلاق، والأمزجة الضاربة والمرتفعة تارة والهابطةُ تارةً أخرى يسهل عليهم التعرف على تلك الأنانية وصورها وأشكالها وطرقها. • تبقى المشكلة لأولئك الغافلين عن معرفة حقيقة النفوس والناس وحقيقة الأشياء حولهم. • هؤلاء الأنانيون مهما كانت أعمارهم وكيفما كانت أشكالهم.. ومهما وصلوا لدرجات من العلم والمعرفة.. ومهما ملكوا مواهب وإمكانيات.. تظل أنانيتهم سلوكا يطاردهم وإن حاولوا إخفاءه. • الأناني لا ينتظر وقتاً للبحث والتنقيب واختيار كلماتٍ جميلة منمقة يرتبها وينسقها وينظم بها أبيات وقصائد شعر ليهديك إياها.. في وقت محدد قد يسعدك للحظات بسماعها.. كالمنافق!. • الأناني.. لا يهدر وقتاً في التنقيب والبحث والتنسيق.. وإنما يكون متواجداً ويحقق آماله وأهدافه معك ودونك ومع غيرك. الأناني.. يستحوذ على كل ما هو جميل ورائع.. ويترك.. لك ولغيرك القبيح المرفوض والرديء. • الأناني يعاني نقصاً كبيرا وهوة سحيقة في أعماقه.. بطرق شتى وبطريقته الخاصة يحاول تعبئتها وملء ذلك النقص بسلوك ومبادئ يتبعها، بأشكال من القيم المرفوضة يرميها بذاته ليعلو صوته.. ويفرض وجوده، ويحقق مصلحته على كل من حوله من أسرته وإخوته وأبنائه وأصدقائه، ليصرح: إنكم جميعاً يا بشر وجدتم هنا وهناك لتدبير أموري وتحقيق أغراضي.. لكسب النجاح وتحقيق كل الآمال. • لا يعلم.. الأناني أن الأيام تدور عجلتها، ستأتي اللحظة الذي يظل فيها وحيدا مع أنانيته وأفكاره،.. وستأتي اللحظة الصعبة التي سيرتدي فيها لون الحزن والألم ويتوشح بالسواد ليعلم وقتها أنه لا يمكنه العيش إلا في ظل الجماعة وظل الكلمات المواسية والصحبة الصادقة، وظل القلوب المحبة، حينها يعلم أن أنانيته لم تفده لحظتها!. • آخر جرة قلم: تعامل مع الناس استمع إليهم، وانصت بصدق لهمومهم وشاركهم أفراحهم وخفف عنهم هموهم وكل آلامهم. ساعدهم واقبل عليهم، ومع كل ذلك.. كن على حذر من أن يصادفك ويكون معك أنانياً من لا يرى إلا ذاته. تجنب الأناني.. وأغراضه.. اتركه ولا تدع منفذا للوصول إليك، اتركه غير مأسوف عليه وأنانيته. كن أنت وافرض تلك الإنسانية المثالية الحقيقية المحبة للخير، الصادقة والمخلصة، لنحرص على الجماعة والعيش مع الجماعة وحمل جمال الكون في أعماقنا، ولتكن أرواحنا طبيعة غنّاء جميلة تسر كل الأبصار والأرواح بعطاء المحبة والإيثار، والمضي لتحقيق هدف البشرية والعيش لأجل سلام البشرية والوجود الحق لوجودنا.