27 أكتوبر 2025
تسجيلتأخذنا الأماني إلى عالم الاحلام فنصحو على الواقع لنجد النقائض تستشري في دمائنا.. نفيق من سباتنا فتتراءى أمام اعيننا هياكل غير مألوفة علينا.. في زمن متناقض كل شيء وارد .. حدوث غير المألوف في أجندة الواقع المتقلب أمر وارد.. استئساد البغاث في أرضنا وارد.. شعث غبر يتطاولون في البنيان وارد.. كل ألوان الطيف يمكن ان تصبح لونا واحدا في زمن به اللون السائد وارد.. ما أسخفنا ونحن نتجاوب مع الوارد.. نطأطئ رؤوسنا قابلين به مستأنسين بتفاهته وحقارته.. عاملين حساب وألف حساب لما وراء الوارد.. في زمن متقلب نرى القبح جمالا.. ونسمع الغراب كروانا.. ونشتم الاسيد عطرا فواحا.. في جو متناقض كهذا يمكن ان تضيع معان كثيرة.. وتختفي قيم عظيمة.. وتزول افعال حميدة.. في زمن عقيم يظل رحم العطاء معطلا.. وتستشري الفوضى في اوصاله.. وتطفح على سطحه نتوءات غريبة.. وطفيليات دخيلة.. تستفيد من معطياته السالبة.. وتستأثر لنفسها فقط مخلفات الزمن الجاري. لا نرغب بوصم زماننا بالعهر.. ففي حنايا بعض منه ومضات تضيء شيئا من الامل للزمن الآتي .. للاجيال التي تنتظر صحوة المارد ليعيد للاذهان قصص البواسل الذين ملأوا الدنيا ضياء واشعاعا .. فلم تخبو اعمالهم ولم تضيع.. بل احفادهم من ضل الطريق فلم يستوعبوا عظائم صنعهم .. تاهوا في رمال ساكنة من كل شيء إلا من الضياع الذي انغمسوا فيه حتى النخاع.. فلم يعرفوا العودة إلى جذروهم ولم يستطيعوا التأقلم مع جلدة غيرهم.. فشبوا ممسوخين مهجنين.. لا لون لهم ولا طعم ولا رائحة. لا نتعمد القسوة.. فقلوبنا تغلفها الرحمة.. ونفحة الايمان تغمر ارواحنا العطرة.. ونفوسنا مفعمة بالمحبة.. وايماننا يدفعنا بقبول المقدور حلوه ومره.. خيره وشره.. فهذان نقيضان لا يلتقيان.. وان التقيا لا يتفقان.. وان اتفقا لا يتفاعلان.. هذان النقيضان هما سر الحياة الازلية فمن مع الخير يحصد الخير.. ومن مع الشر يحصد الشر.. والعياذ بالله. لا نردد قول الفصيح بأننا نعيب زماننا والعيب فينا.. فمن قالها شعر بحاله وحال أمته ومن عاصرها ولم يشعر بها عاش كمن مات دون تذوق حياته.. كثيرون من عاشوا على قارعة الطريق يشاهدون فاغرو الفاه غرباء لا يلتمسون محيطهم ولا يشعرون به ولا يتفاعلون معه.. انهم يعيشون في زمنهم لكنهم ليسوا من زمنهم.. انهم من نسيج الزمن لكنه فضفاض عليهم لا يناسبهم.. يتيهون في عوالمه فينسلخوا منه ثم يجدوا انفسهم بعيدا عن الواقع مهملين مع حثالة التاريخ. وكثيرون آخرون ملأوا الدنيا ضجيجا ونواحا موهومون بامتلاك ناصية الزمن.. تحسبهم كبارا فإذا هم من مستصغر البشر.. ترتاب من هيبتهم فإذا هم نمور من ورق.. يطفحون على السطح كالزبد.. خدمتهم الظروف في غفلة من الزمن.. يحق لنا في زمن يتسلق فيه هؤلاء المارقون.. ويتسيد فيه هؤلاء الحمقى.. ان نقرع ناقوس الخطر.. ونحذر من وقوع المحظور. هل نترك للجيل الآتي ان يلعن زماننا لأننا كنا في غفلة من امرنا وحرمناه من اشعاعنا الذي خبا بفعل السفهاء منا .. اللهم فاشهد؟ وسلامتكم.