18 سبتمبر 2025

تسجيل

رمضان والتلفاز ..1

13 يوليو 2015

إرتبط شهر رمضان لدينا بأنه شهر العبادة والرحمة وطلب المغفرة وإلتماسها بشتى الوسائل والسبل من صيام وقيام وصدقة وزكاة .. إلا أنه إرتبط لدينا أيضا بالدراما المتمثلة فى المسلسلات والبرامج الترفيهية .. وفى الماضى كانت هناك فوازير تقدم بعد تناول وجبة الإفطار وكان القائمون عليها يدعون أنهم يفعلون ذلك لمساعدة الصائمين على تنشيط أذهانهم بالتفكير فى حل هذه الفوازير بعد ما قد يعتريهم من خمول بعد الإفطار .. وكانت هناك بعض الأعمال الدرامية بغرض الترفية وقضاء وقت ممتع وسعيد أمام شاشة التلفزيون .. وهذا فى حد ذاته شئ جيد أن تستمتع بما يبثه التليفزيون ذلك الضيف الذى يدخل بيوت كل الناس بلا إستئذان .. وكان فى الماضى ضيفا غير ثقيل .. يأتى فى المساء فقط ولساعات معدودة .. أما الآن فهو مقيم لدينا بصفة دائمة .. ليلا ونهارا .. وهذا ما سنتطرق إليه لاحقا . ولاشك أن من يتصدى لعمل درامى سواء من ناحية الإنتاج أو الإخراج أو حتى التمثيل يكون فى ذهنه هدف أو أهداف محددة - غير الشهرة والمكسب المادى بطبيعة الحال - ولابد أن يترك أثرا أو آثارا عديدة لمدد متفاوتة .. منها أن يضحك الإنسان أو يبتسم .. أن يتفاءل أو يحب حياته .. أن يستخلص دروسا من خلال تلك المواد الدرامية التى تقدم على الشاشة الصغيرة .. فماذا إستفاد المشاهد العربى – من الخليج إلى المحيط – مما شاهده فى رمضان الحالى سوى التخلف لدى البعض وتشويه العقول والإحساس بالإحباط وهو يشاهد هذا الكم الرهيب من التفاهات والسذاجة والكلمات البذيئة والمشاهد المبتذلة والحوارات الهابطة .. فضلا عن العنف والسخافات الغير مقبولة وعلى الأخص فى برامج المقالب والتى هى تقليد أعمى للغرب وتزيد من توتر المشاهدين وإحساسهم بأن القائمين عليها يستخفون بعقولهم . أما على مستوى الدول فلا توجد لدينا دولة عربية واحدة لديها هدف مما تنتجه من دراما وبرامج أو حتى تقدمه على شاشاتها .. وقد تتساءل عزيزى القارئ عما إذا كانت الدول الأخرى لديها أهداف مما تقدمه من دراما .. والإجابة نعم كبيرة .. فعلى سبيل المثال وليس الحصر تنتج تركيا المسلسلات التى تحتوى على مناظر طبيعية خلابة بغرض الترويج السياحى .. بينما المسلسلات الأمريكية – فكانت ولا تزال – تقدم أمريكا على أنها القوة العظمى التى لا تقهر .. فى الوقت الذى نجد فيه المسلسلات الفرنسية تعمل بدأب شديد ومنذ سنوات على نشر اللغة الفرنسية من خلال الحوارات البسيطة والراقية التى تتضمنها تلك الأعمال الدرامية .. مرة أخرى .. ما هو هدف أو أهداف الأعمال الدرامية العربية .. والإجابة ببساطة .. لا شئ .. سوى المكسب المادى من خلال الجرى وراء الإعلانات .. والبحث عن الشهرة .. كما أسلفنا فى البداية . حسنا .. وأين دور الدولة ؟ وهل يمكن أن تتدخل لحماية المتفرج ؟ هل هناك جهة ما أو حتى منظمة أو مؤسسة تعمل على حماية المستهلك ( وهو هنا المتفرج ) .. إن من ينادى بذلك سيسارع أصحاب المصالح بإتهامه بالشيوعية أو بإعتناق المذهب الإشتراكى على أقل تقدير .. حسنا .. ستكون الإجابة من الولايات المتحدة الأمريكية ذاتها حيث أنشئ بموافقة الكونجرس بالإجماع ما يُسمى ب FCC .. أى مفوضية الإتصالات الفيدرالية .. وترجمتها .. Federal Communication Commission وبموجب قوانين هذه المفوضية لا تملك أى محطة فضائية أن تذيع ما تشاء من برامج أو مواد درامية وخلافه فى الوقت الذى تشاء لأنها – أى القناة – ترى أنه الأنسب من وجهة نظر القائمين على شئونها .. وذلك دون أن يتهمها أحد بإعتناق المذهب الشيوعى .. ولكن هناك أصول وقواعد تنظيمية من حيث الشكل والمضمون أو المحتوى مثل النسبة بين زمن الإعلانات ومضمونها وتوقيت قطع البرامج أو البث بشكل عام وإذاعة هذه الإعلانات . ونكتفى بهذا القدر فى هذا المقال على أن نتعرض بتفصيل أكثر لكيفية تنظيم البث التليفزيونى فى مقالنا القادم . فإلى لقاء جديد ومقالنا القادم بحول الله . بقلم : د . مصطفى عابدين شمس الدين