17 سبتمبر 2025
تسجيلالترف هو السرف في المعيشة وتجاوز الحد في النفقة وإجابة مطالب النفس في المباح وغيره .ولأنهم كانوا معمين أكثر مما توجبه الحياة وكرامة الإنسان ، ذكرهم القرآن في معرض المحكوم عليهم بالإعدام في السجن الأبدي مع استقبالهم استقبالاً يليق بصنيعهم ( وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال في سموم وحميم وظل من يحموم لا بارد ولا كريم إنهم كانوا قبل ذلك مترفين ) فالترف إلف هذه المعيشة الناعمة واستدامة عناصرها ومظاهرها ، والضيق لتخلف شيء منها لأن النِّعم أصبحت عادة مستحكمة .فالمترفون يكاثرون غيرهم بالفضول من النعم التي يجمعونها ، ويتنافسون بينهم في اصطياد المتع ، ويقبلون على الدنيا بنهم لا ينتهي مداه ، وهذا كله يقع على حساب الحق والخير ومطالب الإيمان وحدود ما شرع الله حتى يصل بهم الحد – كشارب ماء البحر كلما ازداد شرباً ازداد ظمأً فترى المترفين يزدرون نعم الله عليهم وتغريهم كثرتها بابتذالها ، وقلة شكرها والعبث بها فيما لا جدوى منه ، والشح بها على من هم من أهلها وبحاجة إليها .والمتأمل في حياة المترفين لشدة حرصهم على ما في أيديهم يغريهم بطلب الزيادة من كل وجه ؛لايهم أمن حلال جاءهم أم من حرام ، المهم أن تستدام هذه المتع وتهيأ أسبابها ولو على حساب البؤساء والمحرومين ، وهم قلما ينهضون إلى نصرة وطن مستضعف أو مبدأ كريم .نعم ، إن هذا المال خَضِر حُلو ، ونعم هو لمن قال فيه هكذا وهكذا ذات اليمين وذات الشمال أزهق به باطلاً منفوشاً ونصر به حقاً مقهوراً وأعطى منه المسكين وابن السبيل والسائل والمحروم أو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم . فالتصرف الحسن بالمال هو مناط النفع به ، لأن المال – خير – لأنه يصون الأبدان وكرامة الإنسان ويحفظ الأوطان ومروءة الإنسان وعرضه ، وهو عندما يكتسب من حق ويوضع في حق من الوجوه الصحيحة لا يذم أبداً وعندها يكون كسبه عبادة وإنفاقه عبادة " من أمسى كالاً من عمل يده بات مغفوراً له " .إن الإنسان إذا أقبل مسعوراً يجري وراء كل رغبة ويتناول كل ما يتيسر له فيأخذه غير مبال من حل أخذه أو حرام فإنه بذلك يصبح كالدابة التي تستحلي الأكل ، فما تزال تأكل وتأكل حتى تكتظ بطنها بما لا تطيق فتهلك " وإن مما ينبت الربيع يقتل أو يلم " .كم في الناس من أهل الأرض من أشباه الدواب ( إن هم إلا كالأنعام ) يجمعون ما لا يحتاجون إليه ويأخذون ما لا يتقون الله في جمعه وتحصيله ، ويركمون من ثرواتهم حولهم فهم يعبثون فيه أبداً حتى تعمى أبصارهم عمن حولهم وذلك من طول ما يبهرها رونقه ويأخذها تألقه .حتى إذا قيل لأحدهم( أنفقوا مما رزقكم الله قال الذين كفروا للذين آمنوا أنطعم من لو يشاء الله أطعمه إن أنتم إلا في ضلال مبين ) فإذا وجد هذا اللون من الناس ولم يوجد من يأخذ على أيديهم ويدلهم على الصواب في طريقة العيش أخذ الله الجميع خصوصاً إذا اقترن هذا الترف – وهو كذلك دائماً – بظلم المستضعفين من خلق الله .وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين