18 سبتمبر 2025
تسجيلإن هذا الدين دين مظاهر وطقوس ولا تغنى فيه مظاهر العبادات والشعائر ما لم تكن صادرة عن إخلاص لله وتجرد مؤدية بسبب هذا الإخلاص إلى أثار في القلب تدفع العبد إلى العمل الصالح وتتمثل في سلوك تصلح به حياة الناس في هذه الأرض وترقى. كذلك ليس هذا الدين أجزاء وتفاريق موزعة منفصلة يؤدي الإنسان منها ما يشاء ويدع منها ما يشاء إنما هو منهج متكامل تتعاون فيه عباداته وشعائره وتكاليفه الفردية والاجتماعية حيث تنتهي كلها إلى غاية تعود كلها على البشر. إن من مهام العبادات كالصلاة والزكاة والصوم وقراءة القرآن والأذكار إن من مهامها أن تدفع العبد القائم بها إلى العمل الصالح والخلق النبيل، وقد ذكر الله أن ناساً لم تظهر عليهم نتائج عباداتهم في سلوكهم الاجتماعي مع شريحة اجتماعية لا يخلو منها عصر ولا مصر إنهم الذين فقدوا الصدر الحاني واليد الرحيمة إنهم (الأيتام) فالذين يتعاملون مع الأيتام على غير الحالة التي ينبغي أن يعاملوا بها أبناءهم من زجرٍ أو عنف في الفعل أو القول هؤلاء لا يعدون في سلك المؤمنين حقاً. وقد سأل جابر بن عبدالله الأنصاري- رضي الله عنه والذي ابتلي بأيتام تركهم أبوه- رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطريقة التي ينبغي أن يعامل بها اليتيم فقال: يا رسول الله (مم أضرب منه يتيمي؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم مم كنت ضارباً منه ولدك غير ما واق مالك بماله حتى يستغني عنه برشده وبعلمه وحسن أدبه). ومن أجل أن كثيراً من الأيتام لا يجدون الرعاية التي ينبغي أن يحظوا بها قال النبي صلى الله عليه وسلم (أنا وكافل اليتيم له أو لغيره أنا وهو كهاتين في الجنة) وأشار بالمسبحة والوسطى ترغيباً في رعايتهم وترهيباً من ضياع حقوقهم أو إيصال الأذى المادي أو المعنوي إليهم حتى ولو كان هذا الكفيل جداً أو أماً أو أخاً أو ما إلى ذلك من ذوي الأرحام. ومن ثم أصبحت العناية باليتيم من أفضل القربات لنيل أعلى الدرجات فالذي يعمل بمضمون هذا الحديث يكون رفيق النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة ولا منزلة في الآخرة أفضل من هذه المنزلة. وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أول ما يفتح باب الجنة فإذا امرأة تبادرني فأقول من أنت؟ فتقول أنا امرأة تأيمت على أيتام لي) فإن في هذا الحديث سرعة دخول كافل اليتيم مع النبي صلى الله عليه وسلم الجنة وعلو منزلته. وهذه الفضيلة تحصل لمن كفل اليتيم من مال نفسه أو مال اليتيم. ولأجل ذلك كانت كفالة اليتيم تعد من أعلى درجات الإحسان (والله يحب المحسنين) ومكافأة هذه الكفالة الدنيوية- العاجلة- هي الشعور بالمتعة الروحية والرضا النفسي، أما المكافأة الأخروية فهي عند الله أكبر وأبقى لأن الكافل يتعامل مع مصرف الإحسان والإنفاق فيه ابتغاء وجه الله والنفقة في هذا المصرف تضاعف إلى سبعين ضعفاً ربحاً حلالاً طيباً من رب غفور شكور (كمثل حبةٍ أنبتت سبع سنابل في كل سنبة مائة حبةٍ...). وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين