14 سبتمبر 2025

تسجيل

أطفالنا.. والضيف القادم

13 يوليو 2011

علينا أن نستعد لاستقبال الشهر الكريم بما يليق به احتفاء واهتماما الضيف هو رمضان الكريم الذي بتنا قاب قوسين أو أدنى من بلوغه، وأما الأطفال المعنيون فهم الذين تتراوح أعمارهم بين السادسة وحتى ما دون سن البلوغ، والموضوع مهم لأطفالنا لأنه يرتبط بجانب قيمي، كما هو غاية في الأهمية لأسرهم لأنه يتعلق بمسؤولياتهم المناطة في أعناقهم وهي المسؤولية التربوية. ولأن الأطفال هم أمانة في أعناق والديهم يحبون لهم من الخير ما يحبونه لأنفسهم وزيادة.. كان من أوجب واجباتهم تحبيبهم بالعبادات وتعويدهم عليها منذ الصغر حتى يكون أداؤها مستقرا ومنتظما وسهلا عليهم عندما وصولهم إلى سن التكليف. وقد يكون للصيام خصوصيته المتمثلة في صعوبة ترك الطعام والشراب اللذين تعود الأطفال عليهما طيلة أحد عشر شهرا في السنة، وهو ما يحتاج من الأسرة معرفة السن الأمثل لتعويد الطفل على الصيام، وأهم الوسائل المعينة على ذلك، على اعتبار أن البيت مدرسة الطفل الكبرى التي فيها يرى ويسمع ويقلّد. ولأن شهر رمضان عظيم بمكانته وبركته وأجره فإن على الأسرة بدايةً أن تظهر حفاوة خاصة به، بحيث يرى الطفل سعادة من حوله بقدوم هذا الموسم السنوي المبارك، واهتماما خاصا منهم به، على مستوى الطاعات كتلاوة القرآن وصلاة التراويح والتقرب إلى الله بالصدقات وتفطير الصائمين وغيرها. هل توجد سن محددة لبدء تعويد الطفل على الصيام؟ لا يجب الصيام على الطفل إلا عند بلوغه، ولكن ينبغي تعويده عليه، ويكون بدء التعويد عند إطاقة الطفل للصيام، وعادة ما يكون ذلك في السابعة أو في العاشرة من عمره، وقد يكون أحيانا قبل السابعة بحسب بنية الطفل وعزيمته. قال هشام بن عروة: كان أبي يأمر الصبيان بالصلاة إذا عقلوها، وبالصوم إذا أطاقوا. ومن الطرق والوسائل التي تعين الأسرة على تعويد طفلها على الصيام ما يلي: ـ توضيح مكانة شهر رمضان في ديننا بأسلوب يناسب عمره وتفكيره ووعيه. ـ الترغيب: وهو أن يعرف الطفل الحكمة من الصيام والأجر المترتب عليه، وعقاب من يترك الصيام بدون عذر، وبما يناسب سنّه. ـ التدريب بالمشاركة: عندما يصوم الطفل في بعض أيام الشهر أو كلها فيجب يكون محل مصاحبة ومتابعة أبوبه وأسرته، فعن الصحابية الربيع بنت معوذ قالت: " كنا نَصُومُ ونُصوِّم صبياننا الصغار منهم، ونذهب إلى المسجد، فنجعل لهم اللعبة من العهن - أي الصوف - فإذا بكى أحدهم من الطعام أعطيناه إياه، حتى يكون عند الإفطار". ـ التدرج في الصيام، كأن يصوم حتى الظهر، ثم حتى العصر.. وهكذا، ويكون بإمكانه الفطور متى أحس بالجوع. ـ التشجيع والمكافأة: وهناك صور كثيرة للتشجيع ومنها إعطاء الطفل هدية أو جائزة عن كل يوم يصومه، أو زيادة مصروفه اليومي وبخاصة اليوم الأول، ومدحه أما إخوته وأقرانه، وتقريب الطفل الصائم من مجلس أبويه حتى يشعر بقيمة ما عمل، مع ضرورة لفت انتباهه أن الأجر الأكبر على عمله هو ما سيناله من حسنات ومغفرة من الله ربّ العالمين. ـ استخدام أسلوب التنافس، لإثارة حماس الأطفال في مجال الصيام، كأن تخصص الأسرة لوحة في غرفة الطعام أو الجلوس تظهر عدد أيام صيام كل طفل واختيار فارس للأسبوع وفارس للشهر، ويدوّن فيها اسمه، ثم يقدم له جائزة تحفيزية مناسبة. ـ تلهية الطّفل عن الأكل والشّرب، وشغله بأمور محببة إليه كاللعب، على أن لا يبذل فيه الطّفل مجهودا كبيرا وقد جاء في الحديث الصّحيح أن الصّحابة - رضي الله عنهم- كانوا يصنعون لأطفالهم ألعابا يلهونهم بها عندما يبكون طلبًا للطّعام حتى يحين وقت الإفطار، وكذلك يمكن أن يجمع الأب الأطفال قبل الإفطار لسرد القصص المفيدة. ولكن ما سبق لا يعني عدم إطعام الطّفل إذا اشتدت حاجته للطّعام. حريّ بنا ونحن نستعد لاستقبال الوافد الكريم أن نخطط له بما لا يليق به احتفاء واحتفالا واهتماما، وأن نجعل منه مدرسة تربوية وإيمانية لنا ولأولانا وأهلينا. وحتى يكون شهر الصوم مدرسة نتطلع إلى ما هو أكبر من ذلك.. كأن يكون للأسرة برامج خاصة مع أطفالها تدربهم على أشياء كثيرة: كمصاحبة كتاب الله وقراءة شطر منه كل يوم، وصلاة التراويح، وعمل يومي تفاعلي.. كالتصدق على فقير أو تفطير صائم، أو كفالة يتيم، وأن نكون قدوة لهم بألا نتأفف من الصيام أو تضيق صدورنا ونغضب في تعاملاتنا مع الآخرين خلاله. نسأل الله أن يجعل أبناءكم قرة أعين لكم، وأن يوفقهم لمرضاته وأن يعينهم على طاعته.. والله من وراء القصد.