20 سبتمبر 2025

تسجيل

التطبيع مع الأسد تهديد للاستقرار

13 يونيو 2023

حسم الشعب السوري خياراته منذ اليوم الأول لثورته أن لا بديل عن إسقاط النظام الذي جثم على صدره لنصف قرن، وواصل على مدى 12 عاماً تقديم فاتورة دم وعذاب وتشريد ومعاناة رهيبة، فقد صوّت أكثر من 14 مليون مشرد بأقدامهم ضد هذا النظام، وكشفت استطلاعات الرأي الأخيرة لمراكز دراسات دولية معتبرة عن أن أكثر من 96% من المشردين عازفون عن العودة إلى بلادهم مع وجود النظام السوري، وبموازاة حالة التشرد التي لم يسبق لها مثيل في العصر الحديث، قدم السوريون مليون شهيد، ونصف مليون معتقل، وأضعافهم من الجرحى والمعاقين ثمناً للتخلص من نظامهم. هرولة البعض للتطبيع مع النظام السوري، بحجة إيجاد مخرج للسوريين، مسرحية لم تعد تنطلي على أحد، فهذا النظام ضرب بعرض الحائط كل الوساطات العربية يوم أتت من الجامعة العربية، فهاجمها وقذفها بأسوأ النعوت، ومن بعدها تغير ثلاثة وسطاء دوليين كمبعوثين للأمم المتحدة، فاستقالوا بعد أن حمّلوا النظام مسؤولية العرقلة والتسويف، وتقازم دور المنظمة الدولية لاحقاً من تطبيق قرارات أممية هي من أصدرتها وأدارتها إلى حديث عن لجنة دستورية، لتتبخر بعدها، فيتم اقتراح سياسة خطوة خطوة، وحتى هذه ثبت أن النظام غير مستعد لها، فتراجع زخمها مما شكل حرجاً لأصحابها، الذي يواصل النظام إحراجهم صبحاً وعشياً، ولا أدلّ على ذلك مهاجمته الجامعة العربية في أول اجتماع دُعي إليه في الرياض. النظام السوري لم يعد مشكلة السوريين، وهو لم يكن كذلك حتى من قبل، فقد كان مشكلة اللبنانيين والفلسطينيين، واليوم هو مشكلة عربية وانسانية، فهو قادر على أن يرتكب الفظائع، ثم يحصل في النهاية على التطبيع معه، مما يؤسس لسابقة خطيرة عالمية في أن المستبد يستطيع أن يقتل ما يشاء، ويفعل مثلما فعل بشار الأسد، ثم يفلت من العقاب، ويكافأ بالتطبيع، بل الأسوأ من ذلك أن يتم استخدام أوراق تهريب الحشيش، والخطف كوسائل ضغط سياسية ومالية على الدول العربية والغربية. ففي حالة تهريب الكبتاغون غدت سوريا بفضل النظام السوري عاصمة الكبتاغون في العالم، إذ تنتج 80% من الانتاج العالمي، وقدّرت أوساط بريطانية حجم الأموال التي يجنيها النظام السوري وتحديداً الفرقة الرابعة بقيادة ماهر الأسد شقيق رأس النظام السوري بـ 57 مليار دولار سنوياً، وهو رقم يسيل إليه لعاب هكذا أنظمة، التي تدرك تماماً أنها مهما طبعت مع الدول العربية لن تحظى بعشر معشار هذا الدعم. تحدثت التقارير الدولية عن إغراء بعض الدول للنظام السوري بالتخلي عن تهريب الكبتاغون، مقابل مساعدته مالياً، ولكن واصل على الدوام إرسال شحناته وبشكل شبه يومي إلى هذه الدول وغيرها، وعلى الرغم من أن هذه الدول تعلن عن مصادرتها لمثل هذه الشحنات بشكل شبه دوري، لكن لم يتغير شيء على هذه الدول ولا على النظام نفسه، إلاّ أن وكالة الصحافة الفرنسية تحدثت بأن ما يعلن عن ضبطه لا يُشكل سوى عشرة بالمائة مما يتم تصديره، هذا الواقع لم يعد تهديداً عربياً، وإنما تهديدٌ عالمي، ولذا جاء قانون الكبتاغون الصادر عن الكونغرس الأمريكي، ثم قانون مكافحة التطبيع مع النظام، والذي صدّق عليه الكونغرس الأمريكي بحزبيه الجمهوري والديمقراطي وبوقت قياسي، إذ في العادة يستغرق وقتاً طويلاً لاعتماده، مما يعكس مدى خطورة الوضع، ببقاء النظام السوري على رأس عمله في دمشق. أي تطبيع مع النظام السوري سيعني نزوع المجتمع السوري إلى التشدد والتطرف، وتحديداً في صفوف ملايين الشباب في مخيمات الداخل والشتات، الذين سيجدون أنفسهم قد فقدوا حاضرهم ومستقبلهم بعد أن انتزعت أرضهم وأحلامهم، وأجبروا على العيش في مخيمات، مما يعني فقدان الثقة بكل ما هو مجتمع دولي وقراراته التي انقلب عليها لصالح النظام، وبالتالي فأي تطبيع مع النظام السوري سيعني مزيداً من الهجرة والتشرد والمعاناة للسوريين ولدول الجوار، ولقد علمنا الحدث الأفغاني ان الجرح إن لم يتم معالجته فإنه سيتجرثم، وبالتالي سيُصيب الأطراف الأخرى، فكان ما كان من أحداث الحادي عشر من سبتمبر وغيرها، فهل من معتبر؟!