16 سبتمبر 2025
تسجيلمعلوم أنه لسماع الدعوى أمام القضاء، ولتكون منتجة لكافة آثارها القانونية لزم على رافعها تقديم الأدلة والحجج المؤيدة لطلباته، وإلا كان مآل دعواه الرفض لعدم الثبوت، والإثبات في الدعاوى المدنية يتم وفق المسار الذي حدده القانون، وبالطرق الواردة ضمن قانون المرافعات المدنية والتجارية الكتاب الثاني المتعلق بالإثبات، المواد من 211 إلى 361. يعتبر أهم دليل يمكن الاعتداد به أمام المحاكم هو الإقرار، ويقصد به تأييد الخصم لادعاءات الطرف الآخر، والموافقة على صحتها، ويكون الإقرار إما قضائيا أي أمام أنظار المحكمة، ويعد عندئذ حجة قاطعة على المقر، ولا يجوز له التراجع عن ذلك، وقد يكون الإقرار غير قضائي أي تم أمام جهة أخرى غير القضاء أو بواسطة وسيلة أخرى، وعندئذ يعد ذلك الإقرار بداية حجة في مواجهة الخصم. ويمكن إثبات الالتزامات المدنية أيضا بواسطة الكتابة، ويعتبر الدليل الكتابي من أهم وسائل الإثبات، لأنه حجة يمكن الركون إليها، والفصل في الحقوق من خلالها بصورة لا تدع مجالا للشك إذا استوفى الدليل الكتابي الشروط المطلوبة قانونا، والإثبات الكتابي قد يتم بواسطة المحررات الرسمية أو المحررات العرفية، أو صورها أو بواسطة دفاتر التجار بالنسبة للمواد التجارية. وعموما في الدعاوي المدنية مالم يتعلق الأمر بنزاع ذي طابع تجاري لا يجوز الإثبات إلا بواسطة دليل كتابي إذا فاقت قيمة الالتزام خمسة آلاف ريال أو كان غير محدد القيمة. ويجوز أيضا إثبات الدعوى المدنية بواسطة شهادة الشهود وفق القيود المقررة قانونا، خصوصا فيما يتعلق باحترام الشروط اللازم توافرها في الشهود أو الالتزام المراد تقديم شهادة بشأنه وفق الأحكام المنصوص عليها ضمن المواد من 260 إلى 297، كما يجوز الإثبات من خلال استجواب الخصوم بشأن الواقعة المراد إثباتها. وتعد القرائن من قبيل وسائل الإثبات المنتجة في الدعوى، ويقصد بها الظروف والملابسات التي لا تدع مجالا للشك بشأن صحة الوقائع المراد إثباتها أمام القضاء، وهي من الأمور الموضوعية التي تكون فيها السلطة التقديرية للقاضي من أجل استنباطها بناء على ما عرض عليه من أوراق ووقائع الدعوى، كما أن الأحكام القضائية الحائزة لقوة الأمر المقضي به تكون وسيلة إثبات قطعية بشأن الوقائع التي سبق للحكم الفصل فيها، ولا يجوز إثبات عكسها بالنسبة لأطرافها. وأيضا يجوز الإثبات أمام المحاكم المدنية بواسطة الخبرة، ويتم ذلك من خلال طلب ندب خبير مختص في موضوع التداعي من أجل تكليفه بمأمورية تتعلق بمسألة فنية تخرج عن دائرة اختصاص القضاء، ويقوم الخبير على إثر ذلك بتقديم تقرير يتضمن رأيا فنيا بخصوص موضوع الدعوى، يعتبر بمثابة حجة على صحة الادعاءات المراد إثبات صحتها، كما يمكن بدلا من ذلك إثبات الالتزام بواسطة المعاينة، حيث من خلال هذه الوسيلة يمكن للمحكمة الانتقال إلى عين المكان موضوع التداعي وإثبات الأمر المدعى فيه. وتبقى آخر وسيلة إثبات يمكن الركون إليها أمام القضاء المدني هي توجيه اليمين، بحيث يجوز لأي خصم أن يطلب من المحكمة توجيه اليمين إلى الخصم من أجل الحلف بخصوص صحة أو عدم صحة واقعة معينة وفق صيغة يمين محددة، وتنقسم اليمين إلى يمين حاسمة وهي تلك التي تحسم موضوع النزاع إذا قام الخصم بتأديتها، ويمين متممة توجهها المحكمة للخصم من أجل الحلف بشأن جزئية من جزئيات موضوع الدعوى تعذر تقديم دليل إثبات آخر بشأنها. أما بالنسبة للترجيح بين وسائل الإثبات المذكورة أمام المحاكم المدنية، في حال تقديم أكثر من دليل فإن الإقرار القضائي المستوفي لأركانه تكون له القوة الثبوتية في مواجهة باقي الوسائل، كما أن الأدلة الكتابية ترجح على باقي الأدلة في حال استكملت شرائطها القانونية اللازمة.