29 أكتوبر 2025
تسجيلكثيرا ما نسمع أن مؤسسة ما في القطاع الحكومي أو الخاص طرحت خطتها الإستراتيجية المستقبلية لتحقيق طموحاتها ورؤيتها، ولكننا بعد هذا الطرح يندر أن نرى أن هذه المؤسسة افصحت عن نجاح أو فشل هذه الخطة، ويختلف نجاح الإستراتيجيات أو فشلها باختلاف المشاكل التي تواجهها اثناء عمليات الصياغة والتنفيذ، حيث تشير الدراسات إلى أن هناك ما بين 30 و50 في المائة من الخطط الاستراتيجية يكون مصيرها الفشل، وتعزو هذه الدراسات الفشل لعدة أسباب أو عوامل، وسأتطرق في هذا المقال لبعض مسببات الفشل من وجهة نظري الخاصة. لا يخفى عليك عزيزي القارئ بأن أي خطة إستراتيجية لا بد أن تمر بعدة مراحل، أولها وأهمها الإيمان والقناعة من قبل جميع العاملين في المنظمة من القيادات التنفيذية المختلفة وليس القيادات العليا ومتخذي القرار فقط بأن هناك ضرورة لصياغة خطط استراتيجية ذات أهداف وغايات واضحة المعالم لوضع المنظمة أو المؤسسة في المستقبل، فوحدة الهدف بين جميع اقطاب العاملين في هذه المنظومة يساهم بشكل كبير في تضافر الجهود والعمل كفريق متناغم ومتجانس لتحقيق هدف واحد. وتعتبر عملية التخطيط العامل الأهم في مرحلة صياغة الخطة فعليها تبنى خطط التنفيذ والتشغيل ومراقبة الأداء، والفشل في هذه المرحلة سيؤدي بدون شك إلى فشل في المراحل اللاحقة، ومن هذا المنطلق فإن سوء اختيار أعضاء فريق التخطيط سينتج عنه لا محالة فشل في صياغة الخطة، فلابد من فريق التخطيط أن يكون مؤمنا بحتمية صياغة خطة استراتيجية للمؤسسة وليس مجرد عمل سيقوم به لأنه طلب من ذلك، فالإيمان بالقضية دائما ما يكون هو الدافع للتجرد في العمل وبذل الجهد نحو النجاح، وبالإضافة إلى إيمان الفريق بجدوى المهمة الموكلة اليه لابد ان يتشكل الفريق من ذوي الخبرة والكفاءة في المجالات الإدارية والفنية والتشغيلية والمالية واللوجستية المختلفة حتى لايتم اغفال أي جانب ذي أهمية رئيسية في طبيعة عمل المؤسسة، فإغفال دور مجال عامل وفاعل في المؤسسة من المشاركة في عملية التخطيط سيؤثر سلبا في عملية تحليل الوضع الحالي للمؤسسة مما ينتج عنه بناء احتماليات أو فرضيات غير صحيحة. وهناك الوضوح والقابلية للتطبيق أو التنفيذ، وهما أمران مهمان يؤثران بشكل مباشر على عملية التنفيذ مستقبلا، فالوضوح في الغايات والاهداف والبعد عن التعقيد والغموض يدعم عملية التنفيذ ويحسن ويطور في الأداء، ومن ناحية أخرى فإن قابلية التنفيذ للخطة يعزز النجاح، فلا جدوى من بناء خطط تشغيلية على خطط إستراتيجية أهدافها ورؤيتها غير قابلة للتحقيق. ومن الأسباب المهمة الأخرى التي تؤدي إلى فشل الخطط الاستراتيجية، التحليل والتقييم القائم على بيانات ومعلومات غير دقيقة أو صحيحة، فما بني على باطل فهو باطل، فحتما سينتج عن ذلك قراءة واستشراف خاطئ للحاضر وللمستقبل، وعليه سوف تصاغ خطة غير ناجعة ولا فعالة، لذلك يجب صياغة الخطة بحيث تكون مرنة في التعامل مع المتغيرات التي تنتج اثناء تنفيذها، وقابلة للتطوير والتعديل لتواكب دلائل هذه المتغيرات في الأحداث المستقبلية. الخطة الإستراتيجية الناجحة يجب ان تكون قابلة للقياس، أي ان لها مؤشرات أداء تمكن القائمين عليها من معرفة ما اذا كانت الخطط التشغيلية والتنفيذية المستنبطة منها تسير في الطريق الصحيح نحو تحقيق الرؤية والاهداف، فإنه من العبث ان يتم بذل الجهد وإهدار الطاقات في طريق لا يؤدي إلى الهدف. وختاما أقول، إن مسببات فشل الخطط الإستراتيجية كثيرة وقد يتناولها المحللون والنقاد من وجهات نظر ومحاور مختلفة جميعها تدور في نفس الفلك، ولا يمكن ان يوضع نسق أو نموذج واحد نستطيع تطبيقه على الجميع فكل منظمة أو مؤسسة لها خصوصيتها وبيئة عمل مختلفة، فمن المهم دراسة كل حالة على حدة حتى لو كانت هناك تجارب ناجحة لحالات مماثلة، وحتى لو تشابهت بيئات العمل، فلا يمكن ان تتشابه القيادات العليا والتنفيذية في الفكر والطرح، أو أن تتشابه التهديدات والفرص. @drAliAlnaimi