10 سبتمبر 2025

تسجيل

قطر وخليجنا المحزن

13 يونيو 2017

كان من المفترض أن نستيقظ الإثنين على الذكرى الخمسين للنكسة،ذكرى بلع جيش الاحتلال الإسرائيلي لأراضي ثلاث دول عربية وعلى رأسها القدس الشريف، ولكن يبدو أن الذكرى الحزينة أإقظت الحزن بقوة ، فصباح أشقائنا في الخليج العربي ليس على ما يرام أبدا،وهو يعيدنا الى الذكريات البائسة قبل سبعة وعشرين عاما حيث بدأت قصة الأزمة بين العراق والكويت وتضخيمها من قبل الطابور الخامس ،وما تلاها من كوارث الاجتياح العراقي، ثم الحرب على العراق التي أدت بعالمنا العربي إلى ما هو عليه من هذا الضعف والتقهقر،ونكسة اليوم هي قرار المملكة العربية السعودية والبحرين والإمارات ومصر قطع العلاقات الدبلوماسية والقنصلية مع شقيقتهم دولة قطر وفرض حظر جوي وبحري وبري عليها،وهذا يعني المقاطعة .المقاطعة العربية نتذكرها تاريخيا في أمور وقضايا وقرارات واضحة، فعندما قررت الدول العربية مقاطعة مصر بعد معاهدة كامب ديفيد التي وقعها الرئيس أنور السادات مع سلطة الإحتلال الإسرائيلي 1978 ، كان القرار العربي جماعيا ومن خلال مجلس جامعة الدول العربية في مؤتمر بغداد حيث تم نقل مقر الجامعة إلى تونس وفرض مقاطعة على مصر وتشكيل جبهة رفض تضم غالبية الدول العربية، ومع ذلك كان الرفض من داخل مصر أيضا حيث استقال وزير الخارجية وأعلنت كل القوى رفضها لمعاهدة السلام، ولكن لم يقرر أحد قتل الشعب المصري أو إعلان الحرب على أكبر بلد عربي صبئت قيادتها عن الدين السياسي والمعتقدات الوطنية والروح الثورية للعالم العربي آنذاك .إن قرار مقاطعة قطر أمر مؤسف ومحزن على ما وصل إليه حال الأمة العربية وطلاسم السياسة، وغير مقبول لأي دولة عربية أخرى، فنحن أمة واحدة وشعب واحد وتاريخ واحد ولسان واحد وأرض واحدة قسمتها الدول العظمى قبل مائة عام ،بريطانيا وفرنسا وبرعاية روسية بهدف تقطيع التركة العثمانية وعدم قيام دولة عربية موحدة تهدد مصالحهم ، ولكن للأسف وبعد قرن من الزمان لم نتعلم من أخطاء التاريخ،ولا من فشلنا الذريع لإدارة أزماتنا، وما زلنا نكرر الفشل ونخلق الأزمات ونعيد إنتاج الكوارث كلما بدأ الزمن يتغير للأفضل،وهذا لن يكون في صالح مستقبل بلادنا ولا شعوبنا ولا الأجيال التي لم يعد ينطلي عليها الكلام الرسمي ولا الإنصات لإذاعة الدولة،في ظل عالم التكنولوجيا الرائع.ما الذي ستفعله دولة قطر في ظل هذا التزاحم وفي غياب صوت عربي مسموع، فالتبريرات التي سمعناها وقرأناها لتسويغ قرار العزل السياسي والحظر، من المؤكد أنها لا تستحق رد الفعل الإنفجاري الذي حصل، و يبدو أن الكم الهائل من المعلومات غير المغسولة والتي تم تضخيمها إعلاميا للإيقاع ما بين السعودية وقطر تحديدا، قد أزاغ البصر عن الحلم والأناة وبُعد النظر الذي طالما تحلت به القيادات، ولكن إن لم تتم مراجعة القرارات قريبا، فإن ذلك سيدفع بالحكومة القطرية لإعادة تشكيل تحالفات جديدة خارج مجلس التعاون الخليجي فتركيا وروسيا ركيزتان في الشرق الأوسط وإيران ليست ببعيدة، والسياسة هي فن الممكن، والدول الثلاث لا تختلف عن الولايات المتحدة في التحالفات الدولية .خلال أسبوع مضى من الحرب الإعلامية ويومين على قرارمقاطعة قطر،يعول الكثير من المراقبين على حكمة المملكة العربية السعودية لمراجعة الموقف وعدم اتخاذ مواقف أكثر لكسر العظم، لأن ذلك يضر بمستقبل حوض الخليج العربي ويؤزم الوضع الداخلي،ويطرح أسئلة قد لا تكون لها إجابات، فالأولى مقاطعة إيران وقطع جميع أشكال التواصل معها من قبل الجميع لا يجعلها أحد الأسباب الموجبة لمقاطعة قطر،والإسلام السياسي هو محل ترحيب واحتضان في أوروبا وأمريكا ولا أحد يقاطع أوروبا وأمريكا،فيما الحرب في سوريا وليبيا مضى عليها ست سنوات، فلماذا نكتشف اليوم أن هناك جماعات إرهابية وجماعات مرضي عنها.إن صوت العقل اليوم يجب أن يحكم الخطاب السياسي والإعلامي في دول الخليج العربي،و لا نقبل لقطر ولا لأي دولة عربية أن تكون ضحية صراع سياسي غير منتج، وإن كان الله يستجيب لدعائنا على إسرائيل التي هي أوْلى بالعداء لدعونا لأشقائنا أن يعتصموا بحبل الله جميعا ولا يتفرقوا فتذهب ريحهم، ويصبحوا مستهدفين من دول وجهات ملأها الفرح لما جرى من شق البيت العربي في الخليج.