19 سبتمبر 2025

تسجيل

أخطار تهدد وحدة النسيج الاجتماعي العربي

13 يونيو 2013

المراقب للوضع العربي الحالي: يذهل من الأوضاع العربية: إن من حيث درجة السوء التي هي عليه. أو من حيث جدية الأخطار التي تهدد وحدة النسيج الاجتماعي العربي في المستقبل القريب. في العديد من الدول العربية. وإمكانية انتقال عدواها لدول عربية جديدة.درجة الخطورة لا تكمن في الانغلاق الشديد للقطرية العربية من أجل حماية الذات. فقط. وإنما فيما أصاب الأمة العربية بمكوناتها الشعبية من مظاهر جديدة غريبة عن حضارة التاريخ. وتراث المنطقة وعن الشعوب. باعتبار هذه المظاهر: طارئة عليه، كمثل شديد الخطورة على هذه المظاهر: هو الصراع الطائفي والمذهبي والإثني. الذي بدأ ينخر في الجسد الشعبي العربي والآخذ في التمثل في : صراعات تناحرية عل حساب صراعات أخرى. من المفترض أن تكون هي الأساسية. التناحرية. التناقضية الرئيسية : كالصراع مع العدو الصهيوني. وأيضا على حساب صراعات أخرى : كالصراع مع استهدافات عموم المنطقة لإفراغها من محتواها التاريخي وسماتها الرئيسية المرتبطة بالتاريخ والحضارة العربية. كالاستهداف الطامح إلى تحويل المنطقة إلى شرق أوسط جديد أو كبير تكوّن إسرائيل فيه : ليس القوة الرئيسية فحسب وإنما المكون الأساسي من مكوناتها التاريخية والحضارية. المهيمنة على المنطقة ليس سياسيا فحسب وإنما اقتصاديا وتقريرا في الأحداث الجارية فيها. مثل أيضا على الصراعات المفترضة : الصراع ضد الاستهداف الطامح إلى تفتيت الدولة القطرية العربية إلى دويلات طائفية ومذهبية وإثنية. متنازعة فيما بينها ومتحاربة مستقبلا.  العلة والأسباب والخلل لا تكمن في النظام الرسمي العربي فقط. ولا في الجامعة العربية التي هي ممثل يعكس التناقضات والأحوال العربية. فقط. وإنما أيضا في الاستجابة الجماهيرية لأن تتمظهر فيها التناقضات المذهبية والطائفية والإثنية. فتراها منغمسة في هذه الصراعات دون أن تتساءل : لا عن أسبابها ولا عن استهدافاتها ولا عما ستؤول إليه. وإلى ماذا ستؤدي بالشعوب وبالأطروحات والأهداف الجماهيرية التي كانت على لسان الفرد العربي حتى عقود قليلة ماضية : كالوحدة العربية. والتكامل العربي . ووحدة المعاناة والمصير المشترك. وهي أهداف صحيحة ذات آمال عريضة قادرة فيما لو تحققت : عل الإجابة عن كثير من الآمال والأهداف والتساؤلات الجاهيرية الشعبية العربية: كأسئلة : الديمقراطية وتحسين الظروف الحياتية. والمحافظة على كرامة الفرد العربي في كل مواقعه. باختصار : احترام الذات العربية. للأسف يرافق هذه الظاهرة : غياب شبه مطلق للأحزاب البينية العربية على المستوى القومي. وتقصير في عمل الأحزاب الوطنية على المستوى القطري للتأسيس للصيغ القومية. الحصيلة : افتقاد وتآكل متدرج للصيغ القومية الفاعلة. اللهم الا من صيغ قديمة لا تتناسب بصيغها التنظيمية. ولا برؤاها المستقبلية. ولا بأساليب عملها مع المهمات و ومجابهة التحديات والمخاطر المحدقة والمتربصة.  جاء ما سمي ب " الربيع العربي " ليصاعد من درجة تفاؤل الجماهير العربية من المحيط إلى الخليج. ثم ما لبث أن تمت مصادرته من قبل قوى تحاول إرجاع التاريخ إلى الوراء. لا تؤمن بالصيغ القومية بل تدعو إلى تنظيم عالمي لأداتها التنظيمية. الأمر الذي أدى إلى العودة بالطرح الجمعي القومي العربي عقودا إلى الوراء. وساهم في تأجيج الصراعات المذهبية والطائفية في الوطن العربي وزيادة حدة تناقضاتها. الأمثلة كثيرة على صحة ما نقول : ما جرى في العراق. وما يجري في العديد من البلدان العربية حاليا.انفصال الجنوب السوداني عن السودان. الجزائر. مصر. سوريا وغيرها حيث تحولت( أو الأدق تعبيرا : في طريقها إلى التحول ) الأهداف الوطنية إلى صراع طائفي. (هكذا أريد له ويراد له أن يكون ). للأسف : الحراكات الجماهيرية العربية لم تكتمل بمشاركة الأحزاب والحركات والجماعات الوطنية التقدمية الديمقراطية. القومية. التي ترى الصراعات على حقيقتها سواء في بلدانها أو على المستوى العربي. القوى التي تسلمت الحكم في بلدان " الربيع العربي " حرصت وما تزال على إبعاد هذه الأخيرة عن التأثير في قرارات بلدانها من خلال تفردها هي بالحكم واستئثارها به. وحرصها على استعمال الحلول الأمنية فيما يتعلق بتلك القوى. من جهة ثانية : فإن هذه القوى لم تستطع السير بالحراكات الجماهيرية في بلدانها إلى نهاية أشواطها. وبالتالي عجزت عن تحقيق مكاسب لها لا على المستويين : لا الوطني ولا القومي.فهي لم تستشرف قيام هذه الحراكات. ولم تضع برامج : لا حالية ولا مستقبلية على جدول أعمالها. ولم تجد صيغة موحدة لجهودها ولو بالمعنى المرحلي. لا أثناء الحراكات ولا بعدها. وعند اللجوء إلى الانتخابات اعتمد الآخرون على خطابهم الديني و الذي نسوه وتناسوه فور صدور النتائج.حتى فيما يتعلق بالموقف من إسرائيل قاموا بتغيير وجهات نظرهم : من المطالبة بالإزالة إلى التعامل الواقعي ( وفق وجهة نظرهم) والتعايش معها!.  في أسباب الظاهرة المعنية حتما ستتعدد الآراء والاجتهادات. لا ننكر نظرية المؤامرة : خارجية بالتعاون مع دوائر داخلية. لكن المؤامرة لا يجب أن تظل الشماعة التي نعلق عليها كل تقصيراتنا وإخفاقاتنا وعجزنا. نحن مقصرون. أحزابنا لم تقدم مراجعة شاملة لمسيرة كل حزب فيها. ولم تذكر أين مواقع الخلل في أدائها وفي أساليب عملها. وفي رؤاها ولم تتعامل مع الأحداث كرديف مواز لها يشبعها تحليلا واستنتاجات ومهمات عمل مستقبلية. ومن ثم النزول إلى الجماهير صاحبة المصلحة الحقيقية في مجابهة الاستهدافات الداخلية والخارجية هذا من جهة. ومن جهة أخرى : لم تستطع مع القوى الأخرى إيجاد صيغ عمل جماعية وتوحيد الشعارات. المطلبية الآنية. السياسية التكتيكية. فما بال الإستراتيجية؟. من الأسباب أيضا :الإلهاء للمواطن العربي بمسؤوليات الحياة اليومية. الأمر الذي أسهم في إبعاد المواطن نسبيا عن حياته السياسية.هذا موضوع ذو حدين فعند تفاقمه سيؤدي حتما إلى الانفجار.   فيما ستؤدي إليه الصراعات الطائفية والمذهبية المتصاعدة في الوطن العربي : ستؤدي إلى ظواهر سلبية كثيرة : ذكرنا بعضا منها وسنذكر واحدة من أبرزها وأخطرها : تؤدي إلى عمى الألوان في رؤية الحدث!. يبقى القول : أنه وفي حالة استمرار هذه الصراعات الطائفية والمذهبية والإثنية.. سيكون ذلك المسمار الأخير في سقوط الأمة العربية إلى الحضيض.