21 سبتمبر 2025
تسجيل• تاهت أمتنا عن الطريق عقوداً من الزمن تقاذفتها الأمواج مرة لليمين ومرة لليسار، ومن حولها دول في الغرب وأخرى في الشرق تشق طريقها ثابتة الخطى شامخة الرأس تفكر بعقلها وتتواصل بلسانها وتتفاهم بلغتها وتعمل جاهدة لتلحق بمن سبقها وتحقق إكتفاءها، إلا أمتنا العربية ومن ضمنها دولتنا الغالية "قطر" فقد أبهرها ما توصلت إليه تلك الأمم، وقد جانبها الصواب حين حسبت أن النهضة العمرانية والاقتصادية والتكنولوجية التي وصلوا إليها، وذلك الشكل المعيشي واللسان الافرنجي والنمط الأخلاقي المفتوح "الذي قد يجد له جمهوراً" هو العامل الفاعل لنهضتهم فأرادوا إدراك ذلك بنفس الطريقة التي سلكوها وحصرياً لا يتم إلا بلسانهم فانتكست الأمة وهي التي كانت تقود حيث أدى ذلك الأعوجاج اللساني الذي شوش أفكارهم وأوصل المعلومات مغلوطة لا تعيها قلوبهم، حتى حال هذا الأعوجاج بينهم وبين الأسباب الحقيقية لعزهم ونصرهم ونهضتهم، التي جاء بها كتاب ربهم ووضح أن الطريقة الوحيدة لذلك هو فهم كتابه وتدبره والعمل بما جاء فيه. • وكذلك عاشت الأمة عقوداً من الزمن كانت كفيلة بمخرجات هشة الجنان مقوضة الأركان معوجة اللسان - إلا من رحم الله - تجاهلت مقومات نهضتها وتشبثت بالسراب - كمثل الغراب عندما أضاع مشيته ليمشي كالحمام. أنبهرت هذه الأمة بتلك الأمم ولم تدرك الأسباب التي أوصلتها لتلك النهضة، رأت التطور الاقتصادي والمعماري والتكنولوجي والنووي ولم تر أن من وصلوا لذلك وصلوه وهم يتكلمون لغتهم ويحتفظون بهويتهم ويعتزون بمعتقداتهم، فهاهي إسرائيل "اللقيطة" والكوريتان "المتنازعتان" واليابان المحطمة بالقنبلة النووية وألمانيا الخارجة من العناية المركزة بعد الحرب العالمية الثانية تنافس الدول العظمى ذات الإمكانيات المادية والبشرية الهائلة والسبب هو ذلك التواصل اللغوي الموضح للفكر معتقدة وهويته، الدافع في النفس أعتزازها وفي الجسم قوتة لتحقيق نهضته. • لقد سبقونا ونحن الأمة البدوية التي سحقت امبراطوريات الشرق والغرب "فارس والروم" فتربعت على عروشهم بأخلاقها وعلومها واقتصادها، وتلك هي نتيجة النفوس الجوفاء التي تتطلع الى ماعند غيرها وهي تملك كنوز الدنيا والآخرة. لغتها سماوية نزل بها كتاب من رب العالمين (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ ۗ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَٰذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ). ﴿١٠٣النحل) مبشراً بدين عظيم به اكتملت الديانات ومبلغه رسول وصفه ربه بأنه رؤوف رحيم اختتم به الأنبياء والمرسلين وتعهد رب العزة بحفظه وحمايته من التغيير والتبديل، وها هي التجارب الحياتية تثبت فشل انفصام اللسان عن لغة الثقافة المجتمعية والتفكير وليس أدل على ذلك ما يعاني منه الجيل من سبع سنوات عندما أبدلت لغة التعليم إلى الافرنجية فكانت النتيجة أجيال بألسنة معوجة وتفكير مشوش وهوية ضائعة وعزل عن كتاب الله، الذي هو دليلهم وموجههم للحياة الكريمة، فلا هم تكلموا لغة القوم حيث كثيراً منهم لم يتجاوز "الأيلتس" ولم يقبل بالجامعة ولا هم احتفظوا بلسانهم والخسارة الأكبر فقد ذلك الاعتزاز والفهم لكتاب الله الذي هو المعين لهم على أمور حياتهم. • ولأنها رائدة لكل خير وكل عمل إنساني علمي ناهض لأمتها وبلدها، ها هي صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر تدرك بثقابة فكرها أن نهضة الأمة تبدأ من داخله وفخره بذاته ودينه ولغته فإن لم تكن قوية راسخة فكل بناء عليها هش قابل للانقضاض، وهكذا كان المؤتمر الخاص باللغة العربية ورعاية سموها له ومتابعتها وحضورها لفعالياته والدعوة إلى كل ما يدعمها كلغة حياة ودين وآخره وعامل نهضة وتطوير في عدم إغفال عن تعلم اللغات الأخرى. • ليس من المبالغة اعتبار تاريخ ذلك المؤتمر يوم نهضة لقطر خاصة والعالم عامة، إنه اليوم الذي نرى الأمة تضع قدمها على سلم الرقي والارتقاء والأخذ بيد هذه الأمة لتقود نهضة العالم أجمع، فليس الأمر لساناً عربياً ينطق ولكنها أداة مؤثرة بها تفجر الطاقات الكامنة التي تبني في النفس العزة والقوة وتجدد للفكر تلك الحقبة الزاهرة من تاريخه وتبعث للفكر والجوارح لتبني مجده. • إنها الوسيلة الوحيدة لنفهم كيف نحيا الحياة السعيدة، إنها اللغة الإلهية التي إن فهمناها وتدبرناها وتكلمنا بها وقرأنا كتابه الكريم كانت نهضتنا.