21 سبتمبر 2025
تسجيلكما هي العادة السنوية في هذا الشهر يكون "السفر" هو الهاجس الذي يراود الجميع على اختلاف مشاريعهم وتفاوت ايراداتهم، ومهما اختلفت الظروف واستجدت الأحداث، وممكن أن تلحظ ذلك لو ولجت مكتب للسفريات بنفسك أو الكترونياً لوجدت تعذر حصولك على رحلة تفضلها أو مقعد تختارة أو سكن يروق لك، بالرغم من مأساة إخواننا السوريين وحيرة أهلنا المصريين بين قوانين تشرع ودساتير تخترق وحكم يتذبذب بين مرشحين متناقضين. * إن الناس في سباق مع الزمن فها هو شهر الله الحرام "رجب" يودع ويدخل شعبان مقدماً لأفضل الأزمان شهر رمضان المبارك ولسنا بصدد مناقشة عادة اعتاد الناس عليها وقد تكون حاجة للبعض بعد عناء عمل وضغوط مجتمع. * إننا نقدم هذا المداد لنتناصح فيما نحمله من حقائب نحاول بهذه الكلمات العودة بها ملأى من خيرات الدنيا والآخرة. * ولعلنا بذلك نفتح الآفاق ونساعد البصر ليكون ثاقباً والرؤى لتكون بعيدة، فها هو الرب سبحانه يخاطبنا في الكتاب المنهاج للحياه السعيدة فيقول: " وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللّهَ عَلَى كل شئ قدير" البقرة 147 إذ يقر الله بحاجتنا للتنقل والسفر ولكنه يذكرنا باستباق الخيرات في ذلك. * ولعلنا في هذه الكلمات القليلة أن نتدارك بعضاً منها فتكون أمام أعيننا زاداً لنا لشكرها ومفتاحاًً نتخطى به أبواباً لسعادة أخرى. * فمن صحة نتمتع بعافيتها ونتعامل من خلالها مع نعمٍ أخرى ومالاً آتانا الله إياه، به تزدان معيشتنا ويطيب سكننا ويتسهل ركوبنا، ويستلذ به مطعمنا، ووقت متاحٌ هو عونٌ لنا لنتفرغ لله في عبادتنا كما قال سبحانه في سورة الشرح "فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب". * وإلى بدائع خلق الله سبحانه في أكوان نجوبها وأرض نسيح فيها، وهناك أقوامٌُُ نرى محاسنهم فنزداد منها ونرى غير ذلك فنحمد الله على عافيته لنا، واخلاق حسنة ورقي نتعامل به ندعو به ونقدم لديننا العظيم. * هذا هو ما يجب أن يحتويه مخططنا عن سياحتنا وحزم أمتعتنا مغادرين ديارنا. * وكذلك عند عودتنا لا نرجع بها فارغة من رصيد لنا في الاخرة فنحشوها بالماديات وزادنا فارغ من الصالحات. * لا بد ان نتدارك النعم فنستخدمها في صالحنا حتى نحقق تلك المعادلة التي وعدنا ربنا بها "لئن شكرتم لأزيدنكم". * فالسفر من أعظم النعم واكثرها لو تدبرنا حقيقته واستثمرنا الفرص المتاحة فيه ومن ايسرها وأبسطها واعظمها فائدة ذلك الامتياز الذي خص الله به المسافر بأن له "دعوة مستجابة". وتلك العبادة التي تسبق ما سواها من العبادات وهي عبادة "التأمل" في ملكوت الله وما أحوجنا لها عندما نرى تلك البدائع من خلقه سبحانه في تلك البلدان. * وفي الأسفار يستشعر الإنسان تلك المحبة في جلاله لأخيه المسلم عندما يلتقي به ويحمس بجهاده في التمسك بدينه في تلك المجتمعات ويعلم يقيناً كم هو محظوظ ميلاده وكل ما حوله يشجعه لعبادة ربه. * لقد أدرك الصالحون فائدة السفر وحاجة النفس له وإن كان هناك فرق شاسع بين غايتهم وغاية سفر هذا الزمان، وهممهم العالية مقارنة بهمم القوم فضلاً عما يلاقونه من مشقة وما يتمتع به مسافر هذا الزمان من رفاهية فلا أقل من الرجوع بشيء من الزاد هو قليل من الشكر لله وقليلٌ من الاعتبار والاتعاظ، وعسى أن ترتقي أسفار هذا الزمان لتكون كما صورها الإمام الجليل الشافعي رحمه الله تغرب عن الأوطان في طلب العلا وسافر ففي الأسفار خمس فوائد تفريج همٍ واكتساب معيشـــــــــة وعلم وآداب وصحبة مــــــاجد ونستودعكم الله وإلى لقاءٍ يجمعنا بعد إجازة في طاعته ونعمته..