13 سبتمبر 2025

تسجيل

تضليل وعي الشعوب

13 مايو 2024

ظل النظام الصهيوني يمارس تضليل الوعي للشعوب سواء عبر ماكينته الرئيسية (هوليوود) أو عبر وسائل إعلامه وأدواته المختلفة لعقود طويلة، والغريب في الأمر أن دولة واحدة خاصة العربية المتضررة لم تفكر في مجابهة هذا التضليل والوقوف بالمرصاد له، بل كان العرب يمارسون الضحك مع بقية الشعوب على الصورة النمطية التي يصنعها الكيان الصهيوني عن العرب في السينما العالمية، ويغمض عينيه عن الصورة النمطية التي يصنعها الصهاينة عن حالة الظلم اليهودية المستمرة ضدهم. لم يكن لهذا التضليل أن ينجح لولا أن الحكومات العربية وافقت عليه، أو لم تقف ضده، ففي لبنان مثلا كان الانتاج الفني مرتبطا بالإثارة، وفي مصر التي كانت تنتج للعالم أصبحت أفلام الشباك أو المقاولات كما يطلقون عليها سيدة الموقف فسخرت من الدين والعادات والتقاليد العربية ولم تقدم فكراً ولا وعياً، والخليج كان يغط في سبات عميق يعيش في دائرة ضيقة ظن يومها أنها ستكون للأبد محكمة الإغلاق، وإن استيقظ بعضهم، استقبل نجوم هوليوود وروج لبضاعتهم. تضليل الوعي ظاهرة تعتمد على توجيه المعرفة أو الإدراك بطريقة مشوشة أو غير واضحة، سواء كان ذلك عن طريق المعلومات المضللة أو الإيحاءات الخادعة. تعتبر هذه الظاهرة منتشرة في مختلف المجالات، ولعل التحدي الأكبر الذي يواجه الصهاينة اليوم هو كيفية تضليل الشعوب مرة أخرى فيما يتعلق بمظلوميتهم واحتلال فلسطين. لقد اتبع الصهاينة طرقا عدة لتضليل الشعوب، منها تشويه الحقائق والمعلومات عبر تقديم معلومات مغلوطة أو مشوهة بشكل متعمد لتشويه فهم الشعوب للواقع وتوجيههم نحو آراء معينة، كما نجحوا في استخدام وسائل الإعلام عبر السيطرة عليها والتحكم في وسائل الإعلام الرئيسية، حيث نجحوا في استخدامها في التحريض والتأجيج عن طريق استغلال الانقسامات الاجتماعية والعرقية والدينية، فمن المعلوم أنه من السهل تحريض الشعوب ضد بعضها البعض لتحقيق أهداف سياسية أو اقتصادية باستخدام أدوات الانقسام. ونجح الصهاينة أيضا في استخدام التكنولوجيا الرقمية من خلال استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والخوارزميات، عبر توجيه المعلومات والرسائل بطريقة محددة للتأثير على آراء الشعوب دون أن يكونوا على دراية بها والتلاعب بالعواطف والأحاسيس باستخدام رسائل مؤثرة عاطفيًا توجه الشعوب نحو آراء معينة دون تفكير منطقي أو تحليل عميق. ولم يكن لهذا التضليل أن يكتمل دون التحكم في التعليم والثقافة من خلال التحكم في المناهج التعليمية والثقافة العامة، وقد وجدنا كيف أن شركات ترتدي بدلة أمريكية أو فرنسية أو بريطانية جاءت لدولنا العربية لتغيير الثقافة والمناهج لكن قلبها كان صهيونيا، وكيف أن كثيرا من المبتعثين للخارج تم تضليلهم فعادوا حانقين على دينهم ومجتمعهم وعاداتهم وأول ما ركزوا عليه هو تغيير المجتمع بما يرغب الغرب، لا بما يحتاجه المجتمع. معركتنا كبيرة اليوم لمواجهة تضليل الوعي، لكن أي محاولة لمواجهته لا تشمل تشجيع النقد البناء وزيادة مساحة الفضاء العام في مجتمعاتنا وتشجيع الشفافية والنزاهة لن يصاحبه النجاح، وسندور في نفس الدوامة التي نرسمها لأنفسنا.. بأننا الأفضل والأكمل والأجمل.