19 سبتمبر 2025

تسجيل

ذاكرة المكان غزة

13 مايو 2019

أذكر أنني أول مرة سمعت باسم غزة اعتقدت أن الكلام عن غزة فلسطين، كنت في المرحلة الابتدائية، حين أشار بعض الرفقاء للاستعداد لخوض مباراة لكرة القدم مع فريق «غزة» فإذا بها منطقة تفصلها عن الريان سابقا منطقة «اللقطة» الحالية، لم يعد هناك ما يسمى بغزة في قطر، رغم أنها موجودة حتى الآن، إلا أنه أصبح يطلق عليها مسمى مدينة خليفة الغربية الآن. عندما كنا طلابا في مدرسة الريان القديم الابتدائية، فوجئنا بإخوة كرام يلتحقون بمدرستنا قادمين من غزة، وهي تجمع سكاني لا توجد به مدرسة في حينه، يقع شرق الريان القديم والغرافة، وتفصله أرض قاحلة إلا من بعض الاشجار والأعشاب القليلة التي تسمى اليوم بمنطقة «اللقطة». أذكر أننا على الدراجات لكي نصل إلى غزة، علينا أن نمر أولا إلى الغرافة، ومن محطة البترول القديمة التي كانت قائمة هناك، نسلك طريقا صغيرا وخطيرا من الأسفلت قادما من الشمال، حتى نصل إلى غزة، حيث كانت كرة القدم ديدن شباب تلك الأيام ومباريات الفرجان شبه أسبوعية. سمعت أن أول من أطلق عليها هذا الاسم هم أوائل من سكنها من قبائل وعوائل أهل قطر الكريمة، حيث كانت سكنا لعدد من قبائل البورميح والكعبان والنعيم وغيرهم . وسمعت كذلك أن من أطلق عليها هذا الاسم أيضاً هو أحد الدبلوماسيين القطريين المخضرمين. ما أود أن أشير إليه أن الوعي العربي القومي في تلك المرحلة كان له انعكاسات مباشرة في حياة الشعب القطري. ولا أدري إن كان اسم غزة تيمناً باسم غزة فلسطين، وربما أنه كذلك لسيطرة القضية الفلسطينية على ذهن وتفكير المواطن العربي عموما، والقطري خصوصا في تلك المرحلة، إلا أنني على يقين من أن أسماء كالعروبة والوحدة والتحرير والأحرار، التي كانت مسميات لأندية قطرية لكرة القدم، هي من نتاج الفكر القومي الذي كان سائدا في الذهنية العربية عموماً آنذاك. الذي أعرفه أنه حين تسكن جالية ما منطقة معينة قد تسمى المنطقة باسمها، كمنطقة الحضارمة مثلا، حتى في الدول المتقدمة هناك أحياء بأسماء الأقليات التي تسكنها، كالحي الصيني أو الياباني أو الهندي أو الكوري. لكن القضية العربية الأولى فلسطين في فترة ما كانت قضية الأمة العربية حتى النخاع، وليس مجرد إصدار البيانات. المشكلة أن التقسيم لم يقف عند تأخر قضية فلسطين داخل الوعي العربي، بل وصل حتى داخل المجتمع العربي الواحد، لنجد مسميات كفريج آل فلان، أسماء الفرجان السابقة كانت أسماء تاريخية قديمة لأول من سكنها، لكن الفرجان الحديثة ينبغي أن تعطي مدلولات وجودية أكبر لشكل وثقافة الوطن على الأقل إن لم تكن اسما يحمل تطلعات الأمة وطموحاتها. [email protected]