02 نوفمبر 2025

تسجيل

نمو الاقتصاد الشمولي أمام العولمة

13 مايو 2015

تشكل العولمة تحدياً أمام التنوع الاقتصادي لدول مجلس التعاون الخليجي، بما تفرضه من آليات تستوجب التعامل معها بحذر، وبالتوسع المعلوماتي الذي بات في صميم العلاقات المتشابكة للقطاعات.وظهرت العولمة كسوق افتراضية مفتوحة بلا قيود وبلا حدود على الشبكة العنكبوتية، وانعكست آثارها في كل المجالات، وخاصة الاقتصادية بل وأفرزت تحديات أمام بيئة الأعمال وأصبحت القوة في كيفية التغلب على عوائق العولمة دون التأثير على أوجه النشاط المتنوع.وأبرز تحديات الفضاء المفتوح أمام اقتصاد التعاون غياب الضوابط ، والقيود على التعاملات الاقتصادية والتبادلية الالكترونية، وانعدام الثقة في كثير من الاتفاقات التجارية، وعدم قدرة أصحاب العمل والمتعاملين على معرفة حقائق الأسواق المفتوحة على الإنترنت، وغياب الضوابط القانونية الضامنة لحقوق الشركات والعملاء.فقد سعت دول التعاون في السنوات الأخيرة إلى انتهاج التوازن بين الدخول في آفاق العولمة، والاستفادة من إيجابياتها في عقد صفقات وشراكات وانفتاح على أسواق أكثر اتساعا، وبين ربط الأنشطة التجارية والصناعية بمفهوم الاقتصاد الذكي الذي يتأقلم مع مستجدات الأسواق ويحافظ على صدارته دون أن يفقد قيمته كوزن وثقل في السوق الدولية.مع انفتاح السوق الخليجية على العالم، برزت تحديات جديدة أفرزتها صراعات العصر مثل التوتر السياسي الذي يعيشه الشرق الأوسط، وتراجع الأداء الاقتصادي العربي وتضرر البنى التحتية . وقد تكون دول التعاون الأفضل حالاً من مثيلاتها على الرغم من تنامي الصراعات في المنطقة إلا أنها قفزت بأدائها إلى مستويات نمو مرتفعة. وتمكنت من الاستمرارية في أعمال الإنشاءات وتعمير البنى التحتية ، وتحديث شبكات الطرق والسكك الحديدية والموانئ والمطارات.وتسعى دول التعاون اليوم إلى انتهاج مفهوم الاقتصاد الكلي أو الشمولي ، استنادا إلى مؤشرات القوة في أدائه، وهو مفهوم يقوم على توسيع الاقتصاد وانمائه بين الاستمرارية والابتكار، وتفادي الكساد بالارتقاء بالأنظمة المالية، وتحديث التشريعات التجارية والحفاظ بقدر الإمكان على توازن الأسعار. فالاقتصاد الشمولي يعنى بكل القطاعات بالربط بينها بما ينسجم مع متغيرات بيئة العمل وهو كما رآه جملة من المعالجات التكاملية للنهوض بالناتج الإجمالي والمحلي والاستثماري والادخار والحد من التضخم والاستهلاك والدخل القومي.وبتواز ٍ تسير دول التعاون في تنفيذ سلسلة من الأعمال الإنشائية الطموحة ، وتعمل على تفعيل الربط بين شبكات الطرق والكهرباء والمياه والطاقة والموانئ مثلاً ، بهدف تحقيق سوق موحدة يمكنها مواجهة تحديات العولمة .ونجحت دول التعاون منذ قيام مجلس التعاون قبل أربعة عقود في تحقيق تكامل اقتصادي يعايشه المواطن الخليجي، ويمضي أيضاً في الوحدة الجمركية والنقدية والمالية والسوق الموحدة .ما ذكرته يعزز من قوة التنافسية في سوق عالمية مفتوحة تملؤها الكيانات الاقتصادية والتكتلات الكبيرة وتعتريها الأزمات كذلك.وتتجه دول المنطقة إلى النهوض بدور القطاع الخاص ليكون رديفاً للاقتصاد الوطني، وتعطيه دفعة قوية من خلال تحديث التشريعات الممهدة للشراكات النوعية .ولنأخذ دولة قطر نموذجاً ، فقد سعت جاهدة ً إلى تحديث أدواتها القانونية في الاستثمار والنظام المالي والاقتصاد الكلي وسوق المال، ليواكب رؤية الدولة في إرساء اقتصاد ذكي يقوم على تبني مشاريع عملاقة، ويستشرف الغد في مواجهة التحديات .وهي تواكب الوحدة الاقتصادية التي تنشدها دول التعاون في منظومة مشتركة.فالاقتصاد الشمولي يحتاج إلى محفزات، والكثير منها ماثل أمامنا، مثل الدعم السخي الذي توليه الدولة للمؤسسات الوطنية والخاصة، وتحديث القوانين، وفتح الاستثمارات المحلية والخارجية، وتهيئة مناخ الأعمال للمبادرين، ودعم المنتجات الوطنية لتكون قادرة على التنافسية .والفضاء الاقتصادي المفتوح على عالمنا يتطلب مفهوماً جديداً يعرف جيداً متطلبات الكيانات العالمية، وأدوارها وتعاقداتها، وكيفية إقامة علاقات وشراكات ذات قيمة مضافة للاقتصاد الخليجي .فالعولمة بوجوه متعددة من الفائدة والتنوع والانتشار والخبرات المتراكمة، وفي الوقت ذاته عالم افتراضي مليء بالعثرات والتشعب، لذلك يتطلب من المتعاملين في قطاع الأعمال أن يرسموا صياغة واضحة للإنتاجية .