31 أكتوبر 2025
تسجيلفئة كان البعض ينظر إليها وكأنها ليست من عالم البشر، فئة يخجل الأهل أن تخرج إلى النور وتظل متوارية عن الأنظار، بل ان البعض قد لا يذكر أن له أبنا أو بنتا من تلك الفئة، ولكن بنعمة من الله عز وجل وإدراك المسؤولين والقيادة الحكيمة لهذا البلد، استطاعت تلك الفئة أن تكون فرداً من المجتمع ولها مكانة بارزة، خاصة في ظل التشريعات المحلية والاتفاقيات الدولية، أنها فئة ذوي الاحتياجات الخاصة التي رغم معاناتها بما ابتليت به من إعاقات جسدية أو ذهنية أو بصرية، فهي تملك الكثير من المواهب والقدرات التي منحها الله عز وجل عوضا عما تعانيه من قصور في حياتها، فأبدعت وساهمت الدولة منذ سنوات في تمكين هذه الفئة من التأهيل والتدريب بامكانيات بسيطة لم ترق إلى مستوى العالم المتحضر في كيفية التأهيل والسبل المناسبة من خلال المدارس السمعية والفكرية ومن ثم معهد النور للمكفوفين الذي أعطى الدعم القوي من جانب القيادة الحكيمة، لهذا البلد مما ساعد على إبراز الكثير من المواهب وتأهيل الطلاب للعمل بعد التخرج منه بل ان بعضهم وصل إلى مراحل تعليمية متقدمة. وكان مركز الشفلح الذي أنشئ بدعم من سمو الشيخة موزا بنت ناصر المنقذ للكثير من الحالات ذوي الإعاقات المتعددة والذي مكن هؤلاء من التغلب على تلك الإعاقات والتعبير عن قدراتهم وامكانياتهم، وتخرج منه عدد لا بأس به استطاعت بعض الجهات أن تستوعبه رغم أنه مازال العدد الآخر ينتظر. إن الأمر ليس بوجود تلك المدارس والمعاهد وتخريج الطلاب منها ولكن مسألة تحتاج إلى النظر إلى تأهيل هؤلاء الخريجين من تلك الأماكن بحيث يستطيع هؤلاء التكيف مع جو العمل وتقبل بيئته قبل التفكير بدمج هؤلاء مع الأفراد العاديين الذين قد ينقصهم الإدراك بكيفية التعامل مع تلك الفئة، وتكون النظرة قاصرة وتتسم بشيء من السخرية وعدم الاكتراث، فالعديد من خريجي المدرسة الفكرية لم يجدوا حتى الآن المكان المناسب الذي يمكن أن يبدعوا فيه ويستخرجوا مكنونات أنفسهم بالكثير من الإبداعات التي أبهرت الكثير من الناس من خلال المعارض التي كانت تقام، وظل الشباب والفتيات قابعين في المنازل، ممثلين للأهل الكثير من المتاعب لإحساسهم بأنهم أناس بدون أي فائدة ولا عمل وهم يشاهدون أقرانهم يعملون ويتزوجون ويعيشون حياة سعيدة، وبالتالي كل هذا ينعكس على سلوكياتهم في البيت وخارجه، ولا يتقاضون إلا مساعدة مالية لا تتجاوز 1000 ريال لا تكفي مصاريفهم! ورغم أن البعض استوعبهم مركز التأهيل لذوي الاحتياجات الخاصة ولكن للأسف لا توجد كوادر مناسبة تتعامل مع هذه الفئة، ولا تتوافر الامكانات المناسبة رغم بذل الجهود من قبل القائمين لذلك أن الأمر يتطلب وجود تلك الكوادر ولا يمكن ذلك إلا بإيجاد صيغة معينة من خلال تخصيص دبلوم في جامعة قطر يعمل على تأهيل الراغبين في التعامل مع تلك الفئة وتوجيهها وتدريبها على التقنيات الحديثة التي يمكن من خلالها تطوير قدراتها وإشباع وقت الفراغ الذي تعاني منه، خاصة أن تلك الفئة العاملة أو الخريجين من المدارس السابقة وصلت إلى سن كبيرة ولديها وقت فراغ كبير تشعر من خلاله بالضيق وقد تتصرف بسلوكيات لا ترضي الأسرة ولا من حولها، فإذا ما وجدت تلك الكوادر القادرة على امتصاص تلك الطاقة وتحويلها إلى طاقة منتجة تفيد المجتمع والعمل على تأهيل الشباب للعمل في الكثير من الأماكن التي لا تتطلب أموراً ذهنية أو كتابية، بل تعتمد على التقنية اليدوية، مما يساعدها على الإحساس بالثقة بالنفس والقدرة على الإنتاج والإبداع، وحتى نستطيع أن نحول نظرة الشفقة والعطف إلى نظرة الحق في الحياة.