12 سبتمبر 2025

تسجيل

الحياة مدرسة

13 مايو 2012

كم هي الحياة مدرسة، نتعلّم منها مهما أوتينا من علم ومعرفة ومن أناس قد يكونون أقل منا علماً ولكنهم أعلم منا معرفة بما سمعوه وآمنوا به ومنهم هذا الذي تعلمت منه رغم مكانته البسيطة في المجتمع فهو يسير بين الطرقات ويجلس على طرف الأرصفة والحارات ولكنه شامخ بما يتمتّع به من قناعة رغم ضآلة ما يكسبه ولكنه لا يتمرّد على ما سمعه وآمن به بأن القناعة كنز لا يفنى رغم قلة ما في جيبه ولا رصيد له بين حسابات البنوك والمصارف المالية الا أنه ممتلئ بالقناعة رغم أنه معاق في جزء من جسده ويعمل بالجزء الصالح منه ليقتات من عرق جبينه كما يقال فهو ماسح أحذية وكم هي من مهنة نعلم أنها شاقة ومردودها بسيط إلا أن مَن تعلمت منه أصول القناعة بدا أمامي وكأنه مارد قوي كل شيء في جسده معافى حيث رفض مني ما مددت به إليه، حيث رفض أن يأخذ دون أن يبذل من جهده ما يستحق به هذا العطاء حيث رفض الا بمقابل أن يعمل بقدر ما يأخذ رغم قلة المبلغ الا أنه وجده كبيراً وهو يرفع يده للذي لا تغيب عيناه عنه ولا عن غيره شاكراً له قبل أن يشكر غيره فكم هو هذا كبر أمام عيني فوجدت فيه العزيمة على العمل مهما كان متواضعاً عمله، إلا انه يقدّم خدمة قد تكون كبيرة لنا نتباهى بها من منظرنا أمام الآخرين وهو يأخذ ما يجده حقاً له يعيش في كرامة وعزة نفس عن سؤال هذا وذاك ولقد استحضرتني هذه الآية الكريمة " وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى" سورة طه. فعلاً رزق المولى عز وجل خير من كل شيء وهذا ما ذكره رسولنا الكريم، صلى الله عليه وسلم: حيث قال: "قد أفلح من أسلم ورزق كفافاً وقنّعه الله بما آتاه". فهذا من الذين هداهم الله للإسلام واقتنع بما رزقه الخالق من جراء عمله الذي يجد فيه متعة رغم إعاقته بإحدى يديه ولكنه لم يستسلم بل عمل ما يستطيع أن يكفيه سؤال هذا وذاك ليشعر بالفخر بنفسه وكرامته من السؤال إلا لله الواحد الرازق الكريم وفعلاً حصل على ما تمناه وهذا ما قاله الإمام علي رضي الله عنه: العيش لا عيش إلا ما قنعت به قد يكثر المال والإنسان مفتقــر ويقول المثل العربي: مَن قنــع شبع. وقال أحد الشعراء: اقنــع بـأيسر رِزقٍ أنـت نـائلــه واحـــذر ولا تتعــرض لــلإرادات فـمـا صـفـا البحـر الا وهو منقص ولا تعـــكـر الا فــي الـــــزيـــادة لقد وجدت ذلك في ذلك الشخص الذي كبر في عيني حيث وجدت فيه كل ما تعنيه كلمة القناعة التي نفتقدها اليوم ونأمل أن نسترجعها حتى نكون مثل هذا الذي لن يموت جوعاً ولا مهاناً.