24 سبتمبر 2025

تسجيل

جمال القصر وجلال القبر

13 أبريل 2023

الإنسان جميل، أما الموت فهو جليل، نشعر بجمال الحياة، ونشعر بجلال الموت حين يتخطفنا نبحث عن الرفاهية في حياتنا، في المسكن والاقامة في أحيائنا وفي مدننا ولكن تحمل نفوسنا ترسبات وصورا ذهنية موحشة عن المقابر مكان إقامتنا وسكننا الابدي لا تتناسب وجلال الموت فهي ذلك المكان المقفر الذي تسكنه رائحة الموت والعشوائية، لا زلت اذكر مقابر في الريان اندثرت وبعضها ترك حيناً من الدهر ملاذاً لا تسكنه سوى الريح واكوام التراب، حتى مقبرة الريان الكبيرة حتى وقت قريب كانت تراكما عشوائيا بسور من الحجر متآكل، الى ان تنبهت البلدية الى ذلك. مقابرنا تعكس نظرتنا تجاه الموت. افق ممتد موحش وجاف، يقذف به في اطراف المدينة خوفاً على الاحياء من عدوى الالتحاق سريعاً وكأن الموت مسافة وليس لحظة حيث يستحسن ان يكون من اللامفكر فيه حتى يتحقق. كنا نمر على القبور في اوروبا حين نستقل القطارات وكأننا نمر بحديقة، بشواهد واضحة ومرقمة وتحيط بها الورود، هذه نظرتهم الى الموت، عندنا لا شواهد لا نبات، خوفاً من غضب السماء، حسناً عملت السلطات مؤخرا ً بالسماح بالترقيم وكتابة الاسماء كما قيل، ليست هناك مدينة لا يسكنها الموت، الموت شيء والاموات شيء اخر، الموت مصير واستئناف لما بعده، اما الاموات فهم نحن البشر الذين هم موضوعاً لهذا المصير، وكما يختار الاحياء اماكن سكناهم ارتياحاً،في حياة كم هي قصيرة مهما طالت، فما بالك بحياة طويلة حتى البعث وما نؤمن به، قد لا نستطيع ان نزرع ورداً، لكن لا اقل من ان نخلق وضعاً يخفف من غلواء نظرتنا الى الموت، مقابرنا ليست سوى انعكاس لصورة الموت في اذهاننا، على الرغم من انه القاعدة والحياة هي الاستثناء، وعلى الرغم من ان ديننا يجعل منه مرحلة من مراحل الحياة الابدية الا ان ثقافتنا عجزت عن مواكبة عقيدتنا، علينا ان نحتفي بالمدينة ونقيم عدلاً بين من سكنها احياء كانوا ام من الراحلين الاحتفاء والاهتمام ببيت وسكن يليق بالرحيل الابدي أكثر عقلانية من الاحتفاء بسكة سفر وعبور الدنيا خيال في لباس حقيقة أما الموت فهو الحق وإن غاب عن أعين الخلق.