13 سبتمبر 2025
تسجيلمدخل: إنه لأمر محزن أن تكون محاطاً بهذا الكم الهائل من الناس دون أن تجد ذاتك فيما بينهم. لقد مرت فترة طويلة دون أن أتمكن من إيجاد شخص يشاركني شغفي في هذه الحياة، شغف يسمح لي أن أكون معه بكامل حواسي وطاقاتي خلال محادثة صغيرة قد لا تتجاوز خمس دقائق. للأسف كل من أجلس معه أجده شخصا بسيطا فكرياً لا تسمح له ثقافته من التنقل بين المواضيع، جل اهتمامه ينصب في ذكر أحداث مكرره ومواقف تطيل الأحاديث المملة. وهذا أمر أصبح مكررا في جميع المناسبات التي حضرتها خلال الفترة الأخيرة، إن جل اهتمام الجميع أصبح منصبا على جمع عدد من الأشخاص في مكان واحد دون الإلتفات لرغبة أي منهم أو دون وجود أفكار مشتركة حيث إن جل ما نراه هو المبالغة في التقديمات وتنسيق المكان فقط. لكن لا يوجد هنالك شيء مشترك لجمعهم، مما جعلنا ننتقل من مناسبة خاوية إلى الاخرى تتشارك فيما بينها بنوع الأنشطة وطرق التسويق لها. انتقل التسويق الذي كنا نراه سابقاً من المقاهي والمطاعم إلى جلسات العائلة والأصدقاء والغريب في الأمر أن وجوده في تلك الأماكن يعد أمراً طبيعياً ومقبولاً، نظراً لاعتمادهم على العائد المالي المنتظر من الزبائن، ولكن أن يتواجد التسويق في جلسات عائلية واجتماعية فهو أمر مستغرب ويدعو للتساؤل عن سبب نشأته، واجتهد في أن أعزي الأمر إلى عدد من الأسباب أهمها وجود فجوة بين الأشخاص المدعوين ولا يمكن سدها من خلال الأحاديث بل لابد من توجيه الاهتمام إلى أمور ترفيهية لإسعاد وجذب المدعوين، وتحضرني قصة أمريكية شهيرة باسم " غاتسبي العظيم " حين يحاول الشخصية البطل " غاتسبي " إقامة مناسبات أسبوعية تحتوي على عدد من سبل الترفيه المختلفة كالمغنين والموسيقيين والألعاب النارية وذلك لحشد أكبر عدد من الضيوف في منزله من أجل قتل شعوره المستمر بالوحدة. ومن هذه الفعاليات وسبل التسويق للتجمعات العائلية: عربة الكوفي ذات التكلفة التى تتراوح بين 1500 إلى 3500 ريال بالإضافة الى المضيفات وعدد من صواني الحلويات وذلك نظراً لانتشارها وصعوبة وجود بيت حديث يتقن عمل الحلويات والموالح كما أمهاتنا في السابق، بالاضافة إلى بوفيه عشاء من أحد موردي الأطعمة وكأن هذا التجمع لعدد من الدبلوماسيين وأصحاب المناصب القيادية الرفيعة، وهو في الحقيقة تجمع عائلي أو اجتماعي بسيط لا يتعدى حضوره ١٥ - ٢٠ شخصا. ولا نصل إلى نهاية المناسبة إلا ونجد المضيف يدفع ما يزيد على ٨ آلاف ريال قطري. إن هكذا نوع من التكلف مقبول لدى الأثرياء ولكنه ذو ثقل كبير في حال كانت الدعوة موجهة من ذوي الدخل المحدود، فنجد الزيارات قلت نظراً لأن دعوة الأصدقاء أصبحت "بتكلفة"، والسبب في هذا كله هو رغبة الجميع بالحصول على صورة مناسبة لحساب السناب شات ليخبروا العالم كله والمكون من نفس الجمع العائلي بأنهم حظوا بدعوة لمناسبة مميزة. ولكن أين الهدف الرئيسي من هذه المناسبة ألا وهو مشاركة الأحاديث والمواضيع وأهم مستجدات الأحداث. للأسف طغت الصورة الثابتة على الحياة المتحركة! فأصبحت الأحداث تنتقل إلينا من خلال صورة دون الحاجة لمشاركتها مع أحدهم، أصبح الجميع قناة أخبارية ليومياته فنجد أخبار فلان وفلان متواجدة في سنابه، وفي حال غفلنا عن سنابه يأتينا البعض ليقول ما عرفت أخبار فلان وحين نجيب بالنفي يأتينا الرد: " شدعوه مب معاك في السناب " ! وماذا إن لم أكن معه في السناب هل هذا معناه أن أخباره ستنقطع عني! للأسف نعم. في هذا العصر من ليس معك في هذه المنصة أو تلك يصعب عليك معرفة مستجدات أخباره. لذا نجد أن تلك الصورة الثابتة هي عنوان الموضوع وفحواه و لم يعد هنالك شيء ذو قيمة بدونها. قيل في البهرجة والتكلف: "الكثير من الناس ينفقون الأموال التى يتحصلون عليها لشراء أشياء لا يريدونها ليبهروا أشخاصاً يكرهونهم". [email protected] @shaikhahamadq