16 أكتوبر 2025
تسجيلحياتي تُسابقها تلك الخطوات.. أبحث عني في طرق مجهولة.. أتأمل وجوه المارة، علّي أجد روحاً تشبهني في غموضي.. أصوم نهاراً عن شتات الفكر.. لكي أفطر على حبيبات من الاستقرار الذهني.. أستمع لأحدهم يدندن على العود، يحاول أن يقلدني في سباق الخطوات.. فيتنافس على أن يُسابق معزوفته.. حروف تسكنني.. كلمات تُباغتني مسرعةً.. أراني أحياناً بين أدراج الرياح… وأحياناً في كهوف الألم أبحث عن شمعة لأضيء بها بقايا طريقي الغائر… ظلم أُعايشه… وغيري واقع أسير به… قلمي يقاومه بشدة دون أن يُساعدني أحد… فما حيلتي يا رب؟!مكدودةٌ أحط قدمي في نزاعات الحياة… أحدهم يجهش بالبكاء أمامي ولا أملك سوى الاستماع إليه وأوراقي ابيضت من الحزن… وقلمي بالرغم من ألمه فهو كظيم! أفكاري أحياناً جنونية… يُباغتني التهور عند نثر الحروف … أقف عند رفوف الكتب، علّي أجد ضالتي… وأبحث عن إجابة لسؤال يراودني لماذا يظلم البشر بعضهم البعض؟ أتكئ بجسدي جانباً على أطراف إحدى تلك الرفوف أتأمل أغلفة الكتب… وأتذكر وجوه من حولي… فهم كبعض الكتب أغلفتها رائعة ومضمونها فارغ!يُلازمني الصمت… وعند مقابلة أحدهم تبدأ الثرثرة… يُقاتلني البعض لأني أفرد الصحيفة من منتصفها وأفطر عليها كالبسطاء، وأُشجب لأنني أثرت غضب أحد الظالمين دون أن أكترث بعواقب الأمور… أحدهم ينصحني وينظر إلي بعين الشفقة… وهو أولى بتلك النظرة… لا تكتبي… هنا قلمي أثاره الذهول! ألأنني وقفت في وجه الظلم أُنصح وكأنني أجرمت بحق الإنسانية! فما حيلتي يا رب؟أُتابع بريدي الإلكتروني… أتأمل شتات الآخرين… منتثرة شكواهم بين أروقة البريد… تنتظر من يفتحها لتبث في وجهه ذلك الحزن الدفين، فتُغرق عينيه من الدموع، لا أملك سوى ذلك القلم الذي طالما حاول كسرَه آخرون، وهو لا يُبالي! يتركون الذي بين أيديهم وينشغلون به… ولو ذكروا الله كما يذكرون حروفي لاستقاموا على الصراط المستقيم. أخرج في الصباح الباكر بارتشافة سريعة لقهوة دافئة تأسرني أبخرتها… أتأمل في ذلك الشارع الوجوه المختلفة… ابتسامات خاطفة… أو عبوس مُكتنز… أسمع أصوات أبواق السيارات وأحدهم يرشق الطرقات بألفاظ التهكم والتذمر والازدراء بسبب ازدحام الشارع… أتأمل المباني الشاسعة المتوقلّة ذات الارتفاع الآهل، وغيوم السماء مرتسمة وراءها، وكأنما لوحة فنيّة قد رُسمت على يد فنان ماهر… فسبحانك يا خالق الكون… تزدحم تلك الطرقات وهي تشح بالعابرين… ولكي أزاحمها لأصل إلى وجهتي سريعاً.. عليّ أن أطلق العنان للسرحان… فأهيم بالحروف وأتذكر الكلمات التي نطقتها ذات يوم وقُيّدت تحت قبضة التوبيخ والزراية… فلله درُّها!! حروفي أيقظت أحدهم عنوةً وألجمت أفواهاً عدة، كل الأبواب أغلقها عند نثر الحروف ما عدا الباب الذي بيني وبين الله، فلا أكتب حرفاً إلا وأتذكر أن ربي؛ رقيبٌ عتيد ولا تخفى عليه خافية!ظللت أسير وتتبعني صناديق الحزن فهي تخاويني منذ زمنٍ بعيد، ترافقني أينما رحلت… ولا تكف عن الثرثرة… انتعلت الأرصفة الرمادية ووجهي كليل… أبحث بإغراق عن ضالتي إلى أن وصلت إلى سور صرح العدل لأسأل عن العدالة، علّي أجدها عرَضاً في مكانٍ ما فأستقي منها معنى الإنصاف، فوجدتها مُجندلة ويجلس عندها أحدهم وهو مُذرف الدمع… محاولاً ترميم ساقها المبتورة! فما حيلتي يا رب؟