15 أكتوبر 2025
تسجيلعندما تدخل لمكان عام (مركز تجاري مثلاً)، وتتجول بين المتسوقين، فإنك لا إرادياً تحاول أن تبقي مسافة كافية بينك وبين الآخرين. ولو أن شخصاً اقترب كثيراً منك، فإنك تشعر بالتوتر والغضب بسبب شعورك بأنه انتهك خصوصيتك ومساحتك الخاصة. تشير الدراسات أن كل شخص يشعر بأن هناك 4 دوائر حوله وهي من الأبعد للأقرب: دائرة الغرباء، ودائرة التواصل، ودائرة الأصدقاء، ودائرة الأسرة الحميمة. بل ووضع بعض الباحثين مسافات تقديرية لكل دائرة بناء على الدراسات والملاحظات. ولكن هذه الدوائر والمسافات تختلف من مجتمع لآخر، ففي المجتمعات المكتظة سكانياً (مثل الصين والهند) لاتكاد تجد أي دوائر خاصة، فتجد الصينيين لايجدون غضاضة في الاقتراب كثيراً من الآخرين بطريقة يجدها غيرهم فظة وتشعرهم بالضيق والضجر. هذه المساحة الشخصية تنطبق كذلك على الخصوصية في المعلومات والتصرفات، فعندما تتجاذب أطراف الحديث مع شخص غريب، فينبغي أن يكون الحديث عن مواضيع عامة (الطقس، الازدحام، الخ)، ولكن البعض يتجاوز ذلك كله بدون أن يشعر أنه اقتحم الدائرة الشخصية للآخر. في إحدى المرات كنت جالساً في غرفة الانتظار في مستشفى، فبادرني شخص كان يجلس بجانبي بسؤال عن مرضي. فاستهجنت السؤال كون الأمور الصحية تعتبر من الأمور الخاصة جداً، وهو شخص غريب بالنسبة لي، فأجبته اجابة غير واضحة وغيرت الموضوع وتحدثنا عن الازدحام. سافر أحد أصدقائي لحضور دورة تدريبية في إحدى الدول العربية، وتجاذب أطراف الحديث مع الشخص الجالس بجانبه، فبدأ ذلك الشخص يسأله عن فرص العمل في بلده، حتى وصل أن سأله عن مرتبه الشهري! فما كان من صديقي إلا أن غير مكان جلوسه. احرص دائماً على احترام خصوصية الاخرين ودوائرهم الشخصية، فهي إحدى سمات الشخص المتحضر المتحلي بالأخلاق الرفيعة. [email protected]