18 سبتمبر 2025

تسجيل

القدرة التنافسية

13 مارس 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); شهدت الدوحة الأسبوع الماضي فعاليات ورشة العمل الدولية (تحقيق حماية فعالة للمستهلك وللمنافسة من خلال التعاون العابر للحدود) والتي نظمتها وزارة الاقتصاد والتجارة بالتعاون مع الأمانة العامة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ولجنة التجارة الفيدرالية الأمريكية بمشاركة نخبة من الخبراء في مجال حماية المنافسة، حيث استعرض المسئولون القطريون ما حققته قطر في هذا المجال من خلال احتلالها المركز الأول عربيًا والسادس عالميًا من بين 144 دولة في المؤشر الخاص بقياس رضا المستهلك، وذلك وفقًا لتقرير التنافسية العالمية الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2015. كما احتلت المرتبة الأولى عربيا والسادسة عالميا في المؤشر الفرعي الخاص بمدى نجاعة سياسة منع الاحتكار.وبالتزامن مع ذلك ذكرت البحرين والكويت والسعودية أنها تعمل على إقرار حزمة من التشريعات الاقتصادية لتشجيع وتوطين الاستثمارين المحلي والأجنبي، وتقديم ما يمكن من محفزات ومزايا ترتد إيجابيا على المستثمرين وتعطي آثرها في تحريك النشاط الاقتصادي وتعزيز التنافسية للاقتصاد الوطني.وغني عن القول أن موضوع تنافسية الاقتصاد عدا عن كونه بات سمة أساسية للاقتصاد العولمي حيث أبواب التجارة الحرة وتدفق الاستثمارات مفتوح على مصراعيه، فإن هذا الموضوع يكتسب أهميته اليوم بضوء الجهود الكبيرة التي تبذلها دول التعاون من أجل تنشيط حركة الاقتصاد الوطني.والحديث عن تحسين القدرة التنافسية يجري عادة على مستويين، المستوى الأول هو مستوى الاقتصاد الكلي، أما المستوى الثاني فهو على مستوى تحسين القدرة التنافسية للمنشآت والمؤسسات، ولاسيما المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.ففيما يخص المستوى الأول، إن صياغة سياسات محددة للوصول بمحركات القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني إلى المستوى المستهدف هي عملية في غاية التعقيد، وذلك نظرًا لكونها تتعامل مع خمسة عوامل أو محركات أساسية هي: القضايا الهيكلية المرتبطة بتركيبة الاقتصاد، والتكنولوجية، وقوة العمل، والبيئة الثقافية، وبيئة الأعمال، وجميعها يؤثر في الاقتصاد بشكل أفقي وعمودي في آن واحد. ويزداد الأمر تعقيدا كونها جميعا تتفاعل مع بعضها بشكل متزامن وبشكل يصعب الحديث عن تناول معالجتها الواحدة تلو الأخرى بشكل منفصل.كما أن حقيقة وجود أبعاد متوسطة وطويلة الأجل لتوجيه عوامل القدرة التنافسية والوصول بها إلى المستوى المنشود لا تلغي الحاجة إلى وجود برامج تتعامل مع احتياجات القدرة التنافسية الفورية وقصيرة الأجل، ففي المدى القصير يتركز الاهتمام عادة على الاستقرار المالي والنقدي وكبح معدلات التضخم وتحسين تشريعات وحوافز الاستثمار وتحسين تنافسية أسواق العمل، أما في المدى المتوسط فيفترض أن تتركز الجهود على تبني نمو قطاعات وأنشطة اقتصادية أكثر تنافسية في السوق العالمي مع توفير العناصر البشرية المدربة والمؤهلة وإصلاح النظام القضائي. وفي هذا السياق، وكما هو واضح، فإن دفع عجلة القدرة التنافسية لا يقع مسؤوليته على جهة رسمية أو اقتصادية معينة، بل تشترك فيها العديد من الجهات والهيئات العامة والخاصة، بل وحتى مؤسسات المجتمع المدني، فضلا عن النظام القضائي والهيئات التشريعية والإعلام.أما على المستوى الثاني، أي الاقتصاد الجزئي، فيمكن القول في البداية إن تحسين القدرة التنافسية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة يقصد به جعل أداء مؤسسة ما أفضل نسبيًا من مؤسسة أخرى ماليًا وربحيًا، وهو هدف يرتكز بدوره على كثير من العوامل والأسس التجارية والتنافسية، التي لعل من أبرزها أن تكون منتجات المؤسسة ذات قيمة مضافة من وجهة نظر العميل، أي أن استخدام منتجاتها أو خدماتها يحقق له مستويات إشباع ورضا تختلف تمامًا عن بقية المنتجات المشابهة، بل إنه يحقق له قيمة مضافة قد لا تحققها سلعة أو خدمة مماثلة. ومن بين العوامل الأخرى التي يقاس بها مستوى القدرة التنافسية للمؤسسات، هو تمكنها من الإبقاء والمحافظة على مستويات ربحية أعلى من ربحية المؤسسات المماثلة المنافسة.لقد حرص عدد كبير من المؤسسات التجارية والصناعية الخليجية على تحسين القدرة التنافسية، ما حدا بها إلى ابتداع كثير من أساليب العمل المتطور للتفوق على المنافسين، من خلال مثلًا توظيف ما يعرف باقتصاديات الحجم واقتصاديات النطاق والاندماج والاستحواذ، التي يستهدف كل أسلوب منها التعزيز من القدرة التنافسية من خلال تحقيق وفورات من الإنتاج والتخفيض في التكاليف، والقدرة على النفاذ إلى الأسواق بشكل متكامل ومؤثر يفرض ويعزز من وجودها. لكن يظل المطلوب هو تحقيق جهد مواز لتحسين القدرات التنافسية للقطاعين العام والخاص من خلال سلسلة الإصلاحات الهيكلية الاقتصادية والإدارية التي تتخذها الحكومات الخليجية، بما في ذلك تطوير كثير من الأنظمة والتشريعات والقوانين التي تحكم التعاملات التجارية والمالية وتعزيز الشفافية والحوكمة وتقوية العمل المؤسسي والمؤسسات المشرفة على تنفيذ برامج الإصلاح والتنافسية.