10 سبتمبر 2025
تسجيلزلزال مُدمّر.. كويكب يضرب الأرض بعد أقلّ من 5 أيّام.. شباب مفعمون بالحيوية والنشاط مواظبون على التمارين الرياضية يلقون حتفهم لأسباب غير متوقعة كحوادث دهس أو سير غير مُبررة.. "بلوجر" تُقتل على يد والدها بعد تحرّش أخيها.. وغيرها الكثير من الأخبار السلبية التي تبعث القلق والتوتر والحزن الذي ينتشر اليوم بين الشباب تحت مُسمّى "فقدان الشغف". أغلب الناس في حالة صدمة أو ما بعد الصدمة، ما إن يمرّ يوم على خبر ما، تستيقظ المجتمعات العربية على خبر آخر، حتى الأفلام والمسلسلات الرائجة أصبحت تلك التي تعتمد على الدراما والرعب والقضايا الاجتماعية المُحبطة. إمّا هذا، أو اللغو في "تيك توك" وأفلام هابطة، لا معنى فيها ولا قيمة. برامجنا تافهة، وصُحفنا ملهيّة برصد الإنجازات الرسمية، وتوثيق التحرّكات الدبلوماسية، والتصريحات البيروقراطية، والبحث عن قضايا لـ"إبهار" الغرب بتطلعاتنا المستقبلية، فيما ينشغل رجال أعمالنا في دراسة التوجهات المستقبلية وترويج الكماليات كمنتجات استهلاكية. القافلة تسير، وكلّ واحدٍ منّا في جهة، جمعتنا الكمامة وفرّقنا "فقدان الشغف" عبر وسائل التواصل اليومية، لا مفرّ لنا من جهاز صغير يستنزف طاقتنا النفسية، فالمعاملات الحكومية تُنجز من خلال التطبيقات، وحضورنا لا بُدّ أن يُسجّل في المنصة الإلكترونية، واستلام مهامنا الوظيفية عبر البرامج التطبيقية. مواعيدنا الصحية عبر الروابط الإلكترونية، وأطباؤنا يتسمّرون أمام الشاشات لملء ملفاتنا الإلكترونية. أنت تصف له أعراض التعب النفسية والجسدية، وهو يشيح بنظره إلى الحاسوب، ليُضيفك كرقم جديد إلى ملفاته الشهرية. لا يراقب حدقة عينك الخائفة من لا شيء، ولا يلمسُ عقدك اللمفاوية المتضخمة من الكبت، ولا يرغب أيضًا برؤية "اللهاة" في حلقك، وأنت تقول "آآآه"، فيه ما يكفيه من الآآه. لطالما حملت الحياة أخبارها السلبية، ووقعت الكثير من الكوارث الطبيعية، وانتقل الشباب إلى الموت دون قضيّة. الجديد، هو كم تعرّضنا إلى هذه الأخبار السلبية، بما يفوق طاقة استيعابنا اليومية. نحن عبيد التكنولوجيا بكلّ ما للكلمة من معنى، ومن يُطالب فينا بالتحرر، سيدفع الثمن غاليًا، وسيُجرّد من حقوقه الشرعية، سيكون حتى بلا رقم ولا عنوان ولا هوية. انتهاك الحرية الشخصية من خلال التكنولوجيا وصل إلى حدّ يستوجب فيه التحرّك بوجه من يفرض علينا كبشر أن نعيش مثل روبوتات تقنية. إلى أغلب خبراء النفس والاجتماع والوسائل الإعلامية في مجتمعاتنا العربية.. أنتم متقاعسون ومتواطئون لأنكم تُعينون كلّ مجرم يستنزف طاقتنا العقلية والروحية والنفسية على التسلل إلى حياتنا دون وقفة منكم عِلمية.