12 سبتمبر 2025

تسجيل

الحكم بالترويع!

13 فبراير 2014

الحكم بالترويع هو نمط أخطر وأشد إجرامية، من ديكتاتوريات أو جمهوريات الخوف.. الحكم بالترويع هو حالة أشد قسوة وفظاعة ودموية، من حكم الشعوب تحت التهديد والتخويف، فالخوف من القتل، مختلف عن الخوف تحت الترويع بفعل رؤية مشاهد القتل وتقطيع وحرق الجثث رأى العين، على قارعة الطرق. لقد أعيتني الحيرة في اختيار عنوان هذا المقال.. هل يكون الحكم بالتخويف؟ لم أجد العنوان معبرا، إذ بعض الإدارات في الدول الديمقراطية حكمت شعوبها، عبر تخويفها من الآخر، وقد رأينا كيف أن جورج بوش شن حملة تخويف على الشعب الأمريكي، من خلال التضخيم في قوة القاعدة ومن القائد العراقي السابق صدام حسين، وكان الهدف تمرير قرار العدوان على أفغانستان والعراق دون رفض ومقاومة من الشعب الأمريكي.. هل يكون عنوان المقال الحكم بالتجويع أو بالحرمان من نعمة الأمن الاجتماعي؟ وقد وجدت الفعل العام والثابت ليس التجويع الكامل عبر الحصار، وأن افتقاد الأمن قد يواجهه شجعان، وعدت لتجربة بشار فرأيت اجتماعا لأسلحة التخويف والتجويع والقتل أيضاً.. حيرتي أنقلها للقارئ، بعد أن استقرت رؤيتي على عنوان "الحكم.. بالترويع"، إذ وجدت كثيرا من الحكومات الراهنة تحكم عبر ترويع الشعوب لا تخويفها أو تجويعها أو ممارسة القتل فيها، والترويع ليس القتل فقط. وحكاية الحكم بالترويع بدأت مع العدوان الأمريكي على العراق، إذ كان عنوان خطة العدوان والحرب، هو الصدمة والترويع، حيث طلب من معد الخطة، أن يروع الإنسان العراقي حتى لا يستطيع مجرد الحركة، وأن يصاب بالشلل النفسي والذهني من شدة هول القصف فلا يفكر في إنقاذ نفسه ولا ولده.. إلخ.. من بعدها تعلم كثير من الحكام لعبة الانتقال من الحكم بالتخويف إلى الحكم بالترويع. في الحكم بالتخويف يجري غرس الخوف في نفوس المواطنين عبر التهديد بالتعذيب وانتهاك الحرمات والبيوت والسجن خارج إطار القانون. هي نفس طريقة قيادة الدابة بمجرد تحريك العصا أو الكرباج.. أما الحكم بالترويع، فيقوم على الاستخدام الفعلي الإجرامي لكل أدوات القمع وصولا إلى القتل في الشوارع.. قتل الناس بالرصاص أو السيوف وسحلهم وتقطيع أجسادهم في الميادين ورميها في القمامة وحرقها، ونشر تلك الصور على الجميع لإشاعة مناخ يشعر فيه المواطنون بأنه لا حل أمامهم إلا الخضوع.. وهناك في عالم الحكم بالترويع قصص أخرى، مارستها وتمارسها أجهزة الإعلام التي تشن حربا على جماعات المقاومة، إذ تنشر فيديوهات وأفلاما وصورا تنسب لهم، ويظهر فيها من يقطع أجساد الناس وهم أحياء أو يحرقهم أو يقطع رؤوسهم، ليقبل الناس بحكم الطاغية أو حكم القوات التي تحتل بلادهم، فحينها يصبح الحاكم الديكتاتور أو قوات الاحتلال وكأنها تحمى المواطنين من هؤلاء "البرابرة الهمجيين". الحكم بالتخويف، يقوم على ممارسات جزئية وحرب إعلامية وشائعات تصيب الناس بالخوف (كما يحدث في الجمهوريات الديكتاتورية – وكذا في بعض الدول الديمقراطية- وهو أمر يجرى لظروف مؤقتة في كثير من الحالات)، أما الحكم بالترويع، فهو حالة من حالات الحكم الدموي، التي يجري خلالها تعمد إسالة دماء المواطنين علنا ودون تمييز وبغزارة ولفترات طويلة.. الحكم بالترويع هدفه إنهاك إرادة المجتمعات أو القضاء على ثوراتها واحتجاجاتها وكسر إرادة المواطنين على استمرار المقاومة. هذا النمط من الحكم يذكر بمقولة أحد ملاك العبيد الأمريكيين، الذي نصح الملاك الآخرين الذين أعيتهم الحيل في القضاء على ثورة العبيد. فقال لهم "أحضروا أشد العبيد عنادا في ساحة، واجمعوا العبيد الآخرين من الرجال والنساء، واربطوا يده وقدمه اليمنى بحبل في مقدمة حصان جامح، ويده وقدمه اليسرى بحبل في حصان آخر، واجعلوا الحصانان يجريان بسرعة وقوة وعزم في اتجاهين متضادين، فينشق جسد العبد وهو حي إلى نصفين طوليا، وبذلك الترويع لن تجدوا عبدا يغامر بأن يشق جسده وهو حي والآخرون واقفون. وقال لهم، إن حضور النساء لحفل الترويع، يجعلكم تحصلون على جيل مدجن من العبيد تربيهم أمهاتهم على طاعتكم مهما طلبتم. الحكم بالترويع هو أشد أشكال الحكم دموية وإجرامية عبر التاريخ.