15 سبتمبر 2025
تسجيليؤكد تقرير اقتصادي أنّ الموازنة القطرية الحالية ستجني فوائض ضخمة تضاف إلى فوائض الموازنات التي جنتها في السنوات الخمس السابقة، بما يزيد من قيمة الإنفاق على المشروعات الكبرى من البنية التحتية والخدمات والطاقة والصناعات المتعددة، وهذا في حد ذاته يقي الاقتصاد الوطني من تداعيات الأزمات المالية الدولية. ويشير أيضاً إلى أنّ سعي الدولة لتحرير الموازنة عن الاعتماد على الإيرادات النفطية يحسب لها عن بقية دول المنطقة، فاستغلال الفوائض في البنى التحتية والمشاريع الاستثمارية والصغيرة والمتوسطة سيدعم توجه الدولة نحو بناء أرضية قوية لرؤية 2030. فقد قدرت الدولة فائضاً مالياً في الموازنة قدره "95" مليار ريال متوقعا للعام الحالي واعتبرته فائضاً تاريخياً في ربع عام، وهذا سيفتح الباب أمام توسيع قاعدة المشروعات المحلية من إنشاءات وصناعات وخدمات واتصالات، إضافة إلى مواصلة الاستثمارات الخارجية والمحلية كرديف للدخل الوطني، خاصة أنّ الفوائض ستثري من حجم المشروعات المتوقع الدخول فيها. وقد تابعنا في إفصاحات المؤسسات المحلية الشهر الجاري حجم القيمة المالية الربحية الكبيرة التي حققتها البنوك والمصارف والشركات، بما يجعلها بمأمن عن التأثيرات العالمية من أزمات أو إخفاقات، فمصرف قطر المركزي أعلن عن صافي موجودات مالية في الجهاز المصرفي تقدر بـ"357،85" مليار ريال تقريباً وبارتفاع "22%"عن العام السابق، وموجودات أجنبية بـ"23،2" مليار ريال مقارنة بالعام 2011، والودائع التجارية بـ"417،34" مليار ريال، وهي قيمة مالية عالية جداً تتناسب مع حجم العمل الذي تنتهجه الدولة في مختلف القطاعات، خصوصا الجهاز المصرفي الذي يعول عليه في تمويل كافة الأنشطة. وأتحدث هنا عن القوة المالية الدافعة لأوجه التنمية الاقتصادية التي تثري الاستثمارات والشراكات المحلية والخارجية، إذ يعتبر التمويل عصب نجاح أيّ مشروع وبدونه نجد إخفاق الكثير منها عن الاستمرارية، فالاستثمارات الخارجية بلغت "30" مليار دولار وهي استثمارات بعيدة المدى ستعمل على تقوية المركز المالي للمؤسسات الوطنية ولشراكاتها الإقليمية المختلفة، وتقدر مشاريع البناء والتشييد بـ"10" مليارات دولار، ومشاريع البنى التحتية بـ"100" مليار، بالإضافة إلى مشاريع الطاقة الضخمة التي تساند تلك القطاعات لصياغة إنفاق يعجل من مسيرة التنمية فيها. في قراءة سريعة للمؤشرات الدولية تشير إلى أنّ الدولة سعت إلى ترسيخ النهج المؤسسي في مشاريعها ومنها تأسيس جهاز قطر للمشاريع المتوسطة والصغيرة وجهاز دعم الصادرات وتأسيس مراكز بحثية تقوم على الاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة، وافتتاح مصنع للكيماويات، بهدف تنويع مصادر الإيرادات غير البترولية التي زادت إلى "52%" في 2009، ومن المتوقع للعام 2013 أن يشهد طفرة جديدة. كما يؤكد المجمل على أنّ تنويع مصادر الدخل في الاستثمار والخدمات والاتصالات والطاقة والأبحاث العلمية من الخيارات التي لا تستغني عنها الدولة، وهي ركيزة لبناء أرضية ملائمة لبيئة الأعمال. وقد ذكرت في مقال سابق أنّ الإستراتيجية المنظمة للاقتصاد هي مفهوم أعمق يقوم على توفير مصادر مستدامة للدخل، والارتقاء بالكوادر القطرية في مجالات دقيقة مثل الطاقة التي تشكل منعطفاً مهماً في مسيرة النهضة الداخلية، وزيادة احتياطي البترول والغاز، وتجنب العجز في الموازنات إلى جانب صدور حزمة من القوانين والتعليمات التي تساعد على الاستقرار المالي باعتباره مفتاحاً رئيسياً لمناخ استثماري آمن. في ظل نمو متسارع في الإنفاق العام على مشاريع البنية التحتية والخدمات وخطة التحفيز الحكومي للبنوك ومراكز المال ومؤشرات الإنتاجية والامتداد الصناعي يقع على المتخصصين عبء النهوض ببنية المسار الاقتصادي لأنّ تحديد وجهة الأهداف في غاية الأهمية. فالأعوام القادمة ستشهد طفرة صناعية بافتتاح وتوسعة منشآت للطاقة ومشتقات النفط بدأت من عامين وهي تواصل ترسيخ مكانتها في السوق الدولية، حيث يزداد الطلب على المنتج القطري، وهذا يعني أنّ الإستراتيجية تسير في خطاها الصحيحة.