15 سبتمبر 2025

تسجيل

نماذج تنمية تصلح للبنان

13 فبراير 2011

ما حصل ويحصل اليوم في مصر وتونس والجزائر والأردن يؤكد على أن نماذج التنمية التي اعتمدت لسنوات في الدول العربية تعتبر غير مجدية أي لم تعط النتائج المنتظرة. فالفقر ما زال منتشرا في كل أنحاء العالم العربي والحكومات بمعظمها لا ترضي الشعوب، وبالتالي هنالك ضرورة للتغيير. فإذا لم يأت سلميا وهذا هو الحل الأفضل، فلابد وأن يأتي عبر النضال الشعبي كما يحصل اليوم.إن التعلق بالمراكز السياسية أيا كانت وفي أي بلد على حساب الديموقراطية ورفاهية الشعوب هو تصرف خاطئ ويدل على عدم احترام الحاكم لشعبه. إذا أضفنا إلى التعلق بالسلطة انتشار الفساد في معظم الطبقات الحاكمة، لابد وأن نعي حجم المشكلة التي تقع فيها المجتمعات المتطلعة إلى المستقبل بثقة وأمل.لا تزال مؤشرات التنمية الإنسانية ضعيفة في معظم الدول العربية ولا يكفي أن نحقق دخلا فرديا مرتفعا حتى تكون شعوبنا سعيدة ومكتفية ومقتنعة بالواقع. إنسان اليوم، عبر الإعلام وخاصة عبر الإنترنت وكافة وسائل الاتصال الاجتماعي، أصبح واعيا لواقعه وحقوقه ويعرف تماما ما هي العوامل التي تزعجه والنواقص التي عليه معالجتها والحصول عليها. حتما لا يمكن للبنانيين أن يكونوا راضيين عن أوضاع التنمية الداخلية ومن الضروري أخذ العبر من تجارب الغير. بسبب تراكم الإهمال وتأخير الحلول، نأمل مع الحكومة الجديدة أن يعاد النظر في العديد من السياسات السابقة التي حجمت القطاعين الزراعي والصناعي. من الضروري اعتماد النماذج الناجحة غير القليلة وأهمها في البرازيل والصين والهند. هذه دول كبيرة حتما، لكن الحجم ليس المعيار الأساسي وإنما حسن السياسات المتبعة عبر حكومات جدية انتقت ما يناسب أوضاعها. هنالك دول تعاني من الزيادات السكانية وأخرى تعاني من ضعف النمو البشري. في سنة 2008، طردت الصين حوالي 500 عضو من الحزب الشيوعي الحاكم لمخالفتهم سياسة الطفل الواحد المفروضة قانونا على الجميع.الحالتان سيئتان إذ ينتج عن النمو السكاني الكبير فقر وبطالة وتقلبات سياسية وأمنية، وينتج عن الثانية ضعف في النمو المستقبلي إذ من يصنع التطور والإنتاج هو أولا وأخيرا الإنسان. في سنة 1800 بلغ عدد سكان العالم حوالي مليار نسمة وفي سنة 1931 تعدى المليارين وفي سنة 2008 وصل إلى حدود 7 مليارات، ومن المتوقع أن يصل إلى 9,5 مليار نسمة في سنة 2050. كانت الزيادات كبيرة جدا في القرن الماضي بسبب تحسن الخدمات الصحية وارتفاع مستوى التغذية كما التعليم خاصة الابتدائي.عندما يزداد عدد السكان، يزيد استهلاك الموارد المادية وبالتالي تسوء الثروة البيئية.المشكلة لا تكمن فقط في كثرة الاستهلاك وإنما في سوءه، إذ هنالك فوضى كبيرة وعالمية تجاه نظافة الأرض والسماء والمياه. هنالك إهمال واضح للبيئة في لبنان وما الحرائق المفتعلة والكسارات والشواطئ والهواء إلا لتؤكد جميعها على ذلك. نجح الرئيس لولا دا سيلفا في خلق نموذج تنموي ممتاز نتج عنه ارتفاع في النمو وانخفاض في الفقر. سمح نجاح لولا بانتخاب خليفته بسهولة كبيرة وتفوق. هنالك 20 مليون مستهلك خرجوا من دائرة الفقر خلال عهديه مما جعله السياسي الأكثر شعبية في أمريكا اللاتينية وربما على الأرض. إذا قارنا ما حدث في البرازيل بما يحدث في الدول العربية، يمكننا تقييم الجهود الكبيرة التي علينا بذلها للوصول إلى المستوى الاقتصادي والإنساني والاجتماعي للبرازيليين. تبقى هنالك 3 مشكلات كبيرة على الرئيسة الجديدة معالجتها وهي الفساد حيث تحتل البرازيل المرتبة 80 في مؤشر الفساد العالمي مقارنة بالمركز 102 للبنان و 115 لمصر و 147 لسوريا. ما زال دور القطاع العام في الاقتصاد كبيرا، إذ تحتل البرازيل في مؤشر سهولة الأعمال الذي يصدره البنك الدولي المرتبة 129 أي وراء لبنان (108) وأمام الهند (مرتبة 133) وهي جميعها مراتب غير مقبولة مقارنة مثلا بالمرتبة 89 للصين و 15 لليابان. ثالثا، في مؤشر التنافسية العالمية تحتل البرازيل المرتبة 58 مقارنة بـ 92 للبنان و 27 للصين و 51 للهند. تحتاج البرازيل إلى قوانين تنشط المنافسة وتسمح للقطاع الخاص بالعمل بجدية وإنتاجية مرتفعة. من الإصلاحات المطلوبة أيضا تحديث النظام الضرائبي وقانون العمل.