05 أكتوبر 2025
تسجيلأحد أصدقائي كان شخصاً ذا قلب طيب وأخلاق عالية، ويثق بالآخرين بشكل كبير. واستمر كذلك حتى جاء أحدهم واستغله بشكل فظ في عدة مواقف مختلفة. ثم جاء شخص آخر واستغل صفاء نيته وأوقعه في مشكلة كبيرة، فكان هي القاصمة لأخلاقه. أثارت هذه المواقف ردة فعل عكسية، فأصبح يتصنع الخبث، ويشكك في نوايا جميع من حوله ويتصرف مع من حوله على أنهم مجموعة من الضباع تتحين الفرصة للانقضاض عليه، فأصبح حذراً جداً في التعامل، بل ووصل لمرحلة أنه يكذب ليخفي نواياه في كل شيء حتى "لا يكشف أوراقه أمام الآخرين"، فحتى لو سألته سؤالاً بسيطاً كأن تسأله أين كنت البارحة؟ فتأكد أنه لن يجيبك بالحقيقة أبداً. فأصبح كالقط الوديع الذي وضع بعض الخطوط على جسده ومخالب بلاستيكية ليبدو كالنمر ليخيف من حوله. فبدأ أصدقاؤه من ذوي الأخلاق يعيدون النظر بصداقتهم معه، نظراً لأنه بدأ يتبع أسلوب الخبث والمكر - وإن كان بشكل ساذج غير محترف - فابتعد بعضهم عنه، وأصبح يحيط نفسه بمجموعة أخرى ممن يشبهون شخصيته الجديدة، فلا هو أبقى أصدقاءه الخلوقين، ولا هو الذي أصبح داهية زمانه. من المهم أن يكون الشخص نبيهاً وواعياً لما يدور حوله وما يحاول المخادعون والماكرون والخبثاء أن يقوموا به، ومن المهم معرفة طرقهم وأساليبهم. ولكن الأهم هو ألا نتشبه بهم، ولا نحاول تقليدهم، فهذه ليست الوسيلة المناسبة حتى لا نخدع. يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "لست بالخب، ولا الخب يخدعني"، والخب يعني الماكر المخادع. أي أن أخلاق عمر وتقواه تمنعانه من أن يكون ماكراً، ولكنه يعرف تماماً أساليبهم وطرقهم، فلا ينخدع هو بها. لذلك عامل الناس بطيب نية وحسن الخلق، ولكن بوعي ويقظة. @khalid606