17 سبتمبر 2025

تسجيل

من يحصي خسائر طهران وواشنطن ؟!

13 يناير 2020

ما كادت إيران تعترف بإسقاط الطائرة الأوكرانية ومقتل ركابها والبالغ عددهم 176 راكبا تفاوتت جنسياتهم في أغلبها ما بين 82 إيرانيا و67 كنديا بينما كانت جنسيات البقية منهم من أفغانستان وأوكرانيا وبريطانيا حتى اشتعلت شوارعها بمظاهرات عارمة تستنكر هذا الفعل الذي بررته طهران على أنه كان ردا على التهديدات الأمريكية التي أكدت استهدافها لكثر من 52 هدفا إيرانيا عقب تصفيتها المعلنة لقائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري قاسم سليماني في فجر 3 يناير 2020 وظنت أن الطائرة المنكوبة ما هي إلا صاروخ كروز أمريكي قبل أن تكتشف لاحقا أنها طائرة مدنية كانت قد أقلعت قبل دقائق من مطار طهران الدولي بناء على عدم وجود أي تحذيرات مسبقة على إغلاق المسار الجوي الإيراني بعد الضربة الأمريكية التي استهدفت موكب سليماني أو بعد الرد الإيراني أيضا الذي جرى يوم الجمعة 8 يناير 2020 على قاعدتي عين الأسد وأربيل الأمريكيتين في العراق ورغم أن طهران أعلنت تبريراتها التي دعتها لهذه الضربة غير المقصودة إلا أن رئيس أوكرانيا وضع شروطا لطي هذه الصفحة وهي أن تتقدم إيران باعتذار رسمي عن هذه الحادثة ودفع تعويضات لأسر الضحايا بالإضافة إلى فتح تحقيق كامل وشفاف للوصول إلى الدوافع الحقيقية لارتكاب مثل هذا الخطأ الفادح وهو ما أكده رئيس وزراء كندا تيودور في تصريحاته المتلفزة ولكن الولايات المتحدة الأمريكية ما كانت لتفوت هذا الأمر وتلك الحادثة التي من شأنها أن تدين إيران أكثر وتغرقها في بحر مشاكل دولية مع دول لم تكن يوما في مشاكل معها ولذا سارع ترامب بتأليب الحكومة الكندية على طهران والإيعاز لها بدفع أوكرانيا للضغط على إيران على تحمل مسؤوليتها الكاملة الناجمة عن إسقاطها طائرة مدنية واعتبار أن قضية (لوكيربي) أخرى يجب أن تدور رحاها على أرض إيران كما حدث ذلك مع القذافي وجرى (حلبه) بالأموال سنين طويلة تحت ذريعة التعويضات وإدخاله في هذه الدوامة ولذا رأت واشنطن أن حادثة الطائرة الأوكرانية المنكوبة يمكنها فعلا أن تخدمها ما دامت طهران إلى الآن لم ترفع الراية البيضاء الصريحة لها ولا زالت تمثل تهديدا أقوى مما كان باعتبار أن طهران باتت الداعية بصوت أعلى وأقوى لمغادرة القوات الأمريكية منطقة الخليج كحل لاستبباب الأمن والهدوء وأوعزت لمناصريها من داخل البرلمان العراقي إلى المطالبة جهرا بأن تترك أمريكا أرض العراق وهذا ما لا يمانعه ترامب شريطة أن تدفع بغداد مليارات الدولارات لقاء تعمير الولايات المتحدة لمطار بغداد بعدد غير قليل من المليارات وأن تغطي كل التكاليف التي تحملتها واشنطن في العراق وإلا فإن القوات الأمريكية باقية فيه إلى أجل غير مسمى فهل يمكن أن نشهد تطورا في الأزمة الإيرانية الأمريكية بعد مسرحية الأخذ والرد والذي جعلها وفسرها آلاف من المغردين في تويتر على أنها بداية حرب عالمية ثالثة لا تبق ولا تذر ؟!. شخصيا وتحديدا بعد الضربة الإيرانية لقاعدتي عين الأسد وأربيل الأمريكيتين واعتبار ترامب أن هذه الضربة التي اعتُبرت كرد أولي على مقتل سليماني مجرد (نزهة) سيقوم الأمريكيون بعدها على إحصاء خسائرهم سواء المادية أو البشرية والتي لم تكن أساسا بعد ظهور معلومات استخباراتية تقول إن بغداد أخبرت الأمريكان بنية طهران ضرب قواعدها في العراق ولذا وضعت واشنطن كل احتياطاتها في إخلاء هذه القواعد من الجنود الأمريكيين وحصر الخسائر كالعادة على المدنيين الأبرياء الذين لا ناقة لهم ولا جمل في هذه الحرب المستعرة بين البلدين وعليه فإن حادثة مثل حادثة الطائرة الأوكرانية لن تفوتها واشنطن والقادم سيتضح بما خفي بين سطور هذا المقال!. فاصلة أخيرة: المجنون فقط من يبحث عن تدمير إيران كدولة لأنها وإن اختلفنا معها في بعض القضايا الإقليمية إلا أنها تعد حائط صد للمنطقة ومن يبحث عن الاتفاق معها أكثر فائدة من معاداتها وفي النهاية لا يوجد لدى طهران ما تخسره!. [email protected]