09 سبتمبر 2025
تسجيلطغت المادة على كافة جوانب الحياة، مجرِّدةً البعض الكثير من المشاعر الدافئة مع كافة من هم حوله من البشر. تقول ابنة أحد العاملين في السلك الدبلوماسي: لا أشك أن أبي يحبنا كثيراً، ونحن كذلك نبادله الحب بالحب، ولكنه في أحيان كثيرة يحب عمله ويخلص له أكثر من اللازم! ولا نتيقن أن أبي سيوفي بوعده لنا بالسفر، والعودة لقطر معنا، إلا إذا ذهبنا إلى المطار وركب الطائرة معنا، فكم من وعد له لنا بالسفر لم يتحقق بسبب عمل طارئ يلغي مخططاتنا. وسئل آخر، يعمل في حقل الصحافة والإعلام، عندما تقدّم باستقالته من العمل عن السبب فقال: «كاد ابني أن يقول لي يا عمي»!. وهناك زملاء دراسة وأصدقاء وإخوان دنيا، أشغلت حياة العمل الخاص والعقارات أحدهم عن الاثنين الآخرين. وقد استنفدا كافة سبل الإقناع في محاولاتهما للتواصل مع الصديق دائم الغياب عنهما، بحجة أنه كثير الارتباطات، وعمله لا ينتهي. إلى أن تم إقناعه بمرافقتهم في مشوار قصير جداً فذهبا به للمقبرة!، وقالا له: انظر إلى من سكن تلك القبور، الكثير منهم لم ينهِ أعماله !. من خلال هذه الأمثلة، وبالإضافة لآفة العصر، من أنواع تكنولوجيا التواصل والهواتف الذكية، انشغل الناس عن بعضهم البعض. فابتعد الأب والأم عن الأبناء، وتفرّقت الجماعات، حتى لو تواجدوا تحت سقف واحد. لم يعد هناك وقت للحديث، ولا المشاركة في النقاش، ولا معرفة أحوال الغير، الكل منشغل عن الكل ولا وقت للحب!. منشغلون عن بعضهم البعض، بالنظر لشاشات الجوال بشكل هستيري، حتى وهم على مائدة الطعام!. ضعفت أواصر المحبة والتقارب النفسي والذهني والبدني. يعيشون في عوالم متباعدة، لا يتشاركون ظروف الحياة اليومية، إلا من رحم ربي، وفي أضيق النطاقات. لماذا الحرص المبالغ فيه نحو التواصل الإلكتروني مع الأصدقاء في تبادل أمور عادية، يمكن القيام بها في أي وقت، على حساب القرب من الأقربين؟!. قديماً قالوا: «البعيد عن العين بعيد عن القلب»، واليوم نرى القريب بجسمه والغائب ذهنه، أصبح قريباً من العين ولكنه يكون بعيداً عن القلب!. أعجبت بمبادرة مجموعة من الأصدقاء على إغلاق هواتفهم الجوالة لمدة الساعتين اللتين سيقضونهما في لقاء أسبوعي اتفقوا عليه. وهذا ما يحصل أثناء اجتماعات العمل الرسمية، فلماذا لا نهتم بشؤون حياتنا الأسرية، ونحرص على تخصيص أوقات للحب؟. ◄ آخر الكلام بعثرتنا وفرّقتنا وسائل التواصل الاجتماعي!. alkuwarim @hotmail.com