16 سبتمبر 2025
تسجيلتناولنا فى مقالنا السابق آخر ما توصل إليه العقل البشرى من مخترعات حديثة ورأينا مدى ما أحدثته تلك المخترعات من تغييرات جذرية فى حياة الأجيال الجديدة التى تعتمدعلى تلك الوسائل مثل الإنترنت ومؤشرات البحث الحديثة فى الحصول على المعلومات بلمسة من اليد دون أن يغادر مكانه .. وكل هذا رائع جدا فقد كنا نقضى ساعات وأيام طوال لكتابة بحث أو الحصول على المعلومات اللازمة لذلك .. وبعد سهر وطول قراءة وتنقل بين المكتبات قد لا ننجح فى إتمام ما نريده بالشكل المطلوب .. مثال آخر كان يعانى منه جيلنا والأجيال التى سبقتنا عندما كنا نكتب مقالا ونريد توصيله للجريدة أو المجلة التى نكتب فيها فقد كنا نذهب إليها بأنفسنا متحملين مشاق التنقل أو أن يرسل المسئولون لنا شخصا يتسلم منا المقال وكان هذا بالطبع مرهقا لجميع الأطراف ويحتوى فوق ذلك على مخاطر الفقدان وضياع الوقت .. أما الآن فإننا نرسل ما نريد بالبريد الأليكترونى دون أن نبرح أماكننا حاملا ما نريد كذلك من وثائق وصور وما شابه . والمشكلة لا تكمن فى سيطرة الثقافات الغربية على عقول أبنائنا وطغيان اللغات الأجنبية فقط ولكن أيضا فى هجر الكلمة المكتوبة بشكل عام وفى الكتب والصحف الورقية بشكل خاص . ونحن هنا نؤكد على أن هذه ليست دعوة إلى عدم استخدام التقنيات الحديثة ولكن رغبة منا فى الحفاظ على ثقافتنا عن طريق إعلاء شأن الكلمة المقروءة خاصة باللغة العربية الفصحى .. إننى أعترف بأنه لاشئ عندى يضاهى متعة قراءة الصحف الورقية والكتب برغم توافر كل المخترعات الحديثة عندى وتمكنى من استخدامها بشكل معقول .. وسأجد بالطبع من يقول بأننى أنتصر لهذا الرأى لأننى من الجيل القديم وهذا صحيح ولكن صحته ليست على الإطلاق فما زال لقراءة الكتب والصحف مذاق خاص لا يتوفر لغيرها ولسنا هنا فى مقام المفاضلة أو عقد مقارنة ولكننا نبحث عن أفضل الوسائل لتعويد صغارنا على قراءة الكتب وبعد ذلك لهم الحق فى اختيار ما يشاءون . من أفضل الوسائل لتحقيق ذلك أن نجعل القراءة هواية محببة لدى الصغار وأن ندرك فائدتها فى توسيع مداركهم وتزويدهم بالمفردات اللغوية التى تصقل لغتهم وتعمل على تنمية خيالهم وإشباع فضولهم .. ومن المفيد فى هذا الصدد أن تكون البداية فى سنوات الطفولة الأولى عندما يستطيع الطفل تمييز الأشكال والألوان فتقوم الأم برواية الحكايات والإشارة إلى تفاصيل الصور والأشخاص ولفت نظر طفلها للحروف والكلمات . ويجب إختيار الكتب ذات الألوان المبهجة والرسوم الجميلة حتى تكون عامل جذب لتحبيب الطفل فى قراءة الكتب وهى لحسن الحظ موجودة ومتوفرة فى الأسواق . ومن المهم فى هذا الصدد أن يكون الأبوان قدوة لأبنائهم لإستثمار حب تقليد الصغار للكبار وقراءة كتبهم الخاصة كما يفعل الوالدان .. ونفس الرأى ينسحب على المعلمين والمعلمات فى رياض الأطفال والمدارس . ولعل الإشتراك فى إحدى مجلات الأطفال قد يكون مهما أيضا بالإضافة إلى إقتناء كتب التلوين وعلى الوالدين توفير الألوان الخشبية وقضاء بعض الوقت فى التلوين مع صغارهم فى جو يسوده المرح مما سيكون حافزا لدى الأطفال للتعود على وجود الكتب فى حياتهم . ومن جانب آخر فقد يكون تعويد الأطفال قراءة الكتب المقدسة ( القرآن الكريم والإنجيل ) مع تقديم شرح مبسط لها أحد وسائل تحقيق الهدف المنشود من القراءة .. وفى هذا الصدد نوصى بشراء كتب الأطفال الدينية ذات الألوان المبهجة – قصص الأنبياء على سبيل المثال – وهى بالمناسبة متوفرة فى الأسواق .. كما نناشد إدارات المدارس والأندية والمكتبات العامة توفير هذه النوعية القيمة من الكتب لحث الصغار على القراءة .. كما نناشد الناشرين تخفيض أثمانها قدر الإمكان . شئ أخير تعمدت أن أحتفظ به حتى النهاية وهو الإثابة حيث ينبغى أن تكون الكتب هى هدايانا لصغارنا فى المناسبات المختلفة وعند الإجادة مما سيرسخ قيمة الكتب لديهم ويشجعهم على القراءة فى هذه الكتب القيمة والتى جاءت إليهم تتويجا لمجهوداتهم .. وهذا أيضا ما يجب علينا تأكيده إذا رغب أحد صغارنا فى تقديم هدية لأحد أشقائه أو أصدقائه فى إحدى المناسبات . ونأمل أن يقتنع الآباء والأمهات بفائدة ما سقناه فى هذا المقال حفاظا على هويتنا الثقافية ولغتنا العربية فضلا عما سيجنيه صغارهم من متعة لا تقارن بالمتع الأخرى . وإلى لقاء قادم فى موضوع جديد بحول الله . بقلم : د . مصطفى عابدين شمس الدين . E mail : [email protected]