14 سبتمبر 2025
تسجيلغريب هذا الغياب العربي عما يحصل في السودان في ظل حضور دولي وإقليمي كبيرين،فراعية انفصال جنوب السودان عن شماله،الولايات المتحدة الأمريكية وحليفتها إسرائيل والدول الغربية عموما تراقب لحظة بلحظة ما يجري فيه. وخططت منذ زمن طويل لمرحلة ما بعد الانفصال.بدورها فإن بعض الدول الإفريقية المجاورة والقريبة للجنوب. تبدي ارتياحها الكبير للانفصال،دول مثل:إثيوبيا وبتخطيط إسرائيلي من وراء الكواليس. وكينيا وأوغندا وغيرها،ترقب نتائج الاستفتاء بانتباه شديد. للأسف،ابتداء من الحكومة السودانية. مروراً بالجامعة العربية،ووصولاً إلى الدول العربية. والأخرى المتضررة من الانفصال،تعاملت معه وكأنه تحصيل حاصل. رغم ما سيتركه عليها من تداعيات. من حق سيلفا كير زعيم الحركة الشعبية في الجنوب تسمية موعد الاستفتاء باليوم التاريخي للجنوب. فهو دعا الجنوبيين إلى ضبط ساعاتهم على منتصف ليلة الأحد(9 يناير) ودق الطبول احتفاء بالخلاص من الشماليين. قد لا تبدو تداعيات انفصال الجنوب السوداني واضحة للعيان في الوقت الحالي،لكن ذلك سيبدو ملموساً وفي وقت قريب بعد إتمام العملية،فعلي الصعيد السوداني:سيفقد السودان 24% من مساحته و20% من عدد سكانه،وجزءاً كبيراً من ثرواته وبخاصة النفط.صحيح أن اتفاقية نيفاشا في العام 2005. دعت إلى تقاسم النفط بنسبة 50% بين الشمال والجنوب،لكن الحكومة الجنوبية بعد إتمام الانفصال، قد تستولي على كل النفط المستخرج من أراضي دولتها. بدعوى:أنه ثروة قومية لها. الأمر الذي قد يشعل الحرب من جديد.لقد تأجل الاستفتاء الثاني حول أبيي. الذي كان من المفترض أن يجري بالتزامن مع استفتاء الانفصال. حول انضمامها إلى الشمال أو الجنوب،وهذه القضية قد تكون بمثابة القنبلة الموقوتة للسودان. إضافة إلى وجود خمسة قطاعات أخرى متنازع عليها بين الشمال والجنوب.من التداعيات على الوضع السوداني أيضاً:اعتبار انفصال الجنوب سابقة يمكن تطبيقها على قضية دارفور،وعلى العديد من النزاعات في الدول العربية الأخرى: كالعراق مثلا،فقد دعا البرزاني في خطاب له في افتتاح مؤتمر حزبه إلى:إعطاء الأكراد حق تقرير المصير.كذلك أن ما يجري في الجنوب السوداني يمكن تعميمه على نزاعات عربية أخرى: كالصحراء الغربية. وذلك على سبيل المثال لا الحصر.أيضاً ومن الاحتمالات الواردة:أن تمثل الدولة العتيدة المجاورة. الحاضنة الرئيسية لزعماء الحركة الانفصالية في دارفور. وهو ما حذّر منه الرئيس السوداني عمر البشير،الذي يعتبر هذه المسألة بمثابة إعلان حرب على الشمال. أما بالنسبة للتداعيات على مصر،فلا يخفي الزعماء الجنوبيين نيتهم في تسمية دولتهم الجديدة بــ(جمهورية النيل)،هذه التسمية. لم تقبلها مصر. وقامت بالتحذير منها فاختيار هذا الاسم. ليس عفوياً،فمصر وبانفصال الجنوب وتسميته الجديدة. ستخسر جزءاً رئيسيا من حقوقها في مياه النيل.الجنوبيون وبتحريض مكشوف من إثيوبيا.ووفقاً لما تقوله المصادر المختلفة. قد يتحالفون مع إثيوبيا(التي أثارت مشكلة تقاسم مياه النيل من جديد،والتي تقيم سدوداً في أراضيها. تقلل كثيراً من الحصتين: السودانية والمصرية. وذلك في تعارض واضح مع الاتفاقيات الدولية. حول حصص الدول المعنية بالنيل. في مياهه) ضد مصر.أيضاً الكل يعرف حقيقة النفوذ الإسرائيلي في إثيوبيا،وأن الكيان الصهيوني كان وراء هذه الأخيرة في إثارة موضوع مياه النيل من جديد،وأن هذا الكيان يشارك مباشرة في بناء السدود المائية الإثيوبية. أما التأثيرات الاستراتيجية لانفصال الجنوب السوداني،فتتمثل في التأثيرات على الصراع العربي-الصهيوني،فالجنوبيين لا يخفون علاقتهم الإسرائيلية،وإسرائيل بدورها تعترف بهذه العلاقة،ولكن دون ضجيج إعلامي. إسرائيل دعمت الحركات الانفصالية الجنوبية بالأسلحة والأموال والخبرات منذ تأسيسها. تماماً مثلما استغلت العدوان الأميركي الغربي على العراق،وقامت بالنفاذ والتسلل إلى المناطق الكردية. وبين الفينة تتحدث الصحافة الإسرائيلية عن النفوذ الصهيوني في كل من الجنوب السوداني. والشمال العراقي. لسنا مع تلك الكتابات الصحفية التي ترى في مستقبل جنوب السودان دولة فاشلة قبل أن تبدأ. مثلما يتوقع مراسل الإندبندنت في جوبا. في عموده فيها (7 يناير الحالي) والتي ترجمتها ونشرتها(مع أعمدة أخرى في ذات السياق)بعض الصحف العربية،فالولايات المتحدة وإسرائيل والعديد من الدول الغربية. أعدّت العدّة وما تزال وستظل تعمل من أجل إنجاح تجربة انفصال جنوب السودان،ليمكن تعميمها على باقي الدول العربية هذا أولاً.وثانياً،فإن الجنوب السوداني هو منطقة غنية جداً بالنفط. لقد ضاعت فلسطين. ولواء الأسكندرون. وسبتة ومليلة،والجزر العربية الإماراتية الثلاث،وها هو جنوب السودان يضيع أمام أعيننا. ونحن نقف كالمتفرجين. دون أية ردود فعل تذكر.كان الواجب أن يكون التدخل العربي قائماً وبشكل مؤثر. منذ اندلاع النزاع السوداني بين الشمال والجنوب،تماماً مثلما هو مطلوب الآن. لمنع انفصال شمال العراق،وتماماً مثلما هو مطلوب في كل النزاعات البينية العربية الأخرى.يوم التاسع من يناير سيظل يوما حزينا في المشهد العربي.تماماً كما هو التاسع من أبريل،يوم سقوط بغداد،والحبل على الجرّار.