17 سبتمبر 2025
تسجيلمُشاهدات متنوعة في حبّ مونديال قطر يحكيها القلم الذي يقفزُ فرحًا على هذه الصفحة لتأهل المنتخب المغربي إلى نصف النهائي، مع دمعة مالحة ذرفها على خروج المنتخب البرازيلي من المنافسة. لا شكّ أن أسود الأطلس قلبوا المعادلة، ومن الحِكمة أن يستفيد المجتمع العربي بكل مكوناته مما يجري في هذه البطولة، والتأمل قليلًا يدفعك لاستنتاج ما يلي: فرحة لاعبي المنتخب إلى جانب أمهاتهنّ أسعدت قلوب الكثير من الشباب العرب، وبيّنت وجهًا جديدًا من وجوه برّ الوالدين، الذي لطالما وضعناهُ في خانة واحدة وهي: الدراسة، والزواج، والمرض. وفي الوقت نفسه، هؤلاء الشباب العرب الذين يتداولون صور اللاعبين مع عائلاتهم، إذا سألت أي واحدٍ منهم عن حال أمّه لحسبها مذمّة، ولتحوّل السؤال إلى مشكلة وربّما إلى جريمة قتل، إذ قلّما ترى في المجتمعات العربية والدةً تشهدُ إنجازات أبنائها أمام وسائل الإعلام وتحتفل معه - اللهم إلا في حفل التخرّج والزواج. وهنا، يضرب "مونديال" قطر نموذجًا جديدًا فيما نخبئه من مشاعر مكبوتة وإن كانت مشاعر فخر بالوالدين، أو على العكس مشاعر فخر بالأبناء. ومن الفرحة على أرض الملعب إلى نداء آخر نوجهه لوسائل الإعلام والدبلوماسيين والصحفيين ومن لهم سلطة على القلم، بالاستغناء عن كلمة "الحلم العربي"، لأنّ تركيزنا على مفهوم "ده حلمنا طول عمرنا" يعطينا انطباعا كشعوب وأفراد أن أي إنجاز لنا هو حُلم، وبالتالي يبقى كُل هدف مُجرّد حلم بعيد المنال، وهذا ما رسمه الإعلام الغربي بالنسبة إلينا. المفردات المُعرّبة والمُعلّبة تُبقينا في دائرة الأحلام، والأجدر أن نختار مفرداتنا التي تعلو بهمّتنا كأن نقول العمل العربي المشترك، أو التكامل العربي، أو الأهداف العربية، الحُلم طال والعمل وَجَب. وَجب أيضًا إعطاء بطاقة حمراء لجُملة "رفعتوا راسنا" في تبادل التهاني والتبريكات، لأنه بكل بساطة ستُذكّر المواطن العربي بأن رأسه مُطأطأ ورقبته محنيّة مكشوفة لـ"السحسوح" الغربي – والسحسوح هي كلمة عامية شعبية لبنانية تعني الصفعة على الرقبة من الخلف - وعليه، يرجى التكرم بالإيعاز لمن يلزم، بالاستغناء عن جملة "رفعتوا رأسنا" والبحث في قواميس اللغة عمّا يُشعر المواطن العربي بأن الإنجاز هو جزء من حياته اليومية وأن رأسه مرفوع وإن أخطأ. خطأ هي تلك الصورة التي تقدّمها الشركات العابرة للقارات عن نجوم كرة القدم، التي تُظهرهم على أنهم أبطال خارقون في الإعلانات حتى ظننا أنهم مندوبو مبيعات لكثرة الملصقات التجارية في حياتهم. كرة القدم هي متعة وملاذ للفقراء والضغط النفسي الذي تُسببه هذه الشركات على اللاعبين وجماهيرهم تُحوّل متعة كرة القدم إلى منصات تجارية فارهة. وفي حب مونديال قطر، البحث عن تذكرة لـلأكل في البوفيه الفاخر والصورة في "سكاي بوكس" - جناح فاخر لحاملي تذاكر الضيافة - بات أعلى قيمة من مُشجّع ادخر طوال العام ليتحمّل مشقة السفر، والنوم أرضًا من أجل أن يرفع علم بلاده بين الأعلام. وفي هذا الحب، المجد لـ"سوق واقف".. وبالهناء والشفاء لــ"سكاي بوكس".