19 سبتمبر 2025

تسجيل

مجلس الشورى والوعي المطلوب

12 نوفمبر 2020

الإشكالية التي يجب أن نتنبه إليها اليوم وقبل الشروع في عملية انتخاب أعضاء المجلس النيابي"الشورى" الأول في تاريخ البلاد هي هل هذة العملية التي سنمارسها لاحقاً موجودة في أذهاننا أم في الخارج بمعنى هل هي وعيٌ خالصٌ أم وعيٌ قصدي؟ أكاد أجزم أنها في أذهاننا تمثل وعياً خالصاً مكتملاً لا تحتاج من الخارج سوى صندوق الاقتراع الذي سنلقي فيه بأصواتنا، وهنا تبدو المشكلة، حيث لن تمثل أي إضافة للواقع ولن تسعى لتطويره، لكن ماذا أعني بالوعي الخالص هنا ؟ الوعي الخالص في أذهاننا عن الانتخابات يعني أن الحقيقة مكتملة في أذهاننا لا يحتاج أن نبحث عنها. من سوف ننتخبه محدد سوى بالاسم الفردي أو بالانتماء القبلي أو العائلي أو الطائفي أو الجهوي أو غير ذلك من الانتماءات، بل حتى ما نطمح إليه وما ننوي تحقيقه كذلك في حالة الفوز في الانتخاب موجود مسبقاً في أذهاننا فهو يمثل وعياً خالصاً. هذه الجاهزية المسبقة لدى المجتمع التي يمثلها هذا الوعي الخالص هي العقبة، لكن ما المقصود أو ماذا أقصد بالوعي "القصدي" هنا أعني الظروف الموضوعية الخارجية التي يجب أن يتجه إليها وعي المرشح ووعي الناخب، بمعنى آخر حالة المجتمع وما يحتاجه ومدى استعداد المرشح لخدمته وتطويره ودرجة تأهيله لتحقيق ذلك، إذا استطعنا أن نفعل قوة الوعي القصدي التي تأخذ بالمجتمع كأولوية على حساب قوة الوعي الخالص الذي تبدو فيها "الأنا" الخالصة جوهراً والواقع الخارجي مجرد امتداد لها لاغير أمكن لتجربتنا أن تتطور. الوعي القصدي يعني أولوية مصلحة المجتمع على مصلحة الفرد، الوعي القصدي يعني أولوية الكفاءة على الهوية، الوعي القصدي يعني الانفتاح على الآخر بدلاً من الانغلاق على الذات، الوعي القصدي يعني أولوية الصالح العام على الصالح الخاص، الوعي القصدي يعني أن المجتمع هو مصدر الثقة فبالتالي المرشح هو مرشح لجميع أطياف المجتمع، والناخب ينطلق بناء على رغبة المجتمع في الإصلاح، لو أمكن للمجتمع خلال هذا العام من إشاعة فكرة الوعي القصدي، الوعي المتجه نحو المجتمع وليس نحو العائلة أو القبيلة أوغيرهما من مكونات المرجعية الأولية من خلال أجهزته الثقافية والإعلامية. لاأقول إننا سننجح بنسبة كبيرة حيث لايزال الوعي الخالص وهو حصيلة عقود من الممارسات الضيقة مسيطراً، ولكن لا يمنع من طرح فكرة الوعي القصدي المجتمعي في مقابل الوعي الذاتي الخالص من خلال عملية تنوير يحتاجها المجتمع، حيث أعتقد أن قانون الانتخاب سيحتوي على عناصر مع الوقت ستجعل من الوعي القصدي ضرورة للتوازن لجميع أطراف العملية الانتخابية على اختلاف درجات وجودهم الاجتماعي ومواقعهم داخل قانون العملية الانتخابية سواءً من مرشحين أو ناخبين. [email protected]