19 سبتمبر 2025

تسجيل

رسائل حب سماوية

12 نوفمبر 2019

عشق الطبيعة مغروس في النفس البشرية، وهذا الإحساس المرهف يستجيب لنداء الفطرة الإلهية السليمة. وأرواحنا تواقة لمناظر الطبيعة الخلابة، فحين تتبلد السماء بالغيوم نستبشر بقدوم المطر بعد انقطاع، ونؤمل رحمة الله وغيثه المغيث. تتهادى الرياح عليلة تداعب وجنات الطبيعة في غنج ودلال، وتتساقط زخات المطر عذبة رقراقة، تعانق حبات الرمال، وبلورات البرد تتلألأ في ألق وبهاء. تتعالى أصوات الأطفال وتتداخل ضحكاتهم البريئة تسري في جنبات الطرق وأفنية البيوت وهم يحتفون بقدوم المطر، فما يلبث أن تتكاثف قطراته منهمرة تسابق ركضات الأحبة الصغار، وسنا البرق يضيء الأرجاء، والرعد يعزف أنغامه الشجية لتكتمل لوحة الجمال السماوي البديعة، في منظر فريد يأسر النفوس وينادم الوجدان، لم ترسمه ريشة فنان أو عدسة آلة صماء، بل صاغته يد الخالق البديع. وعناصره المعبرة تتناغم وتشدو طربا في لحن شاعري يفوق الخيال. يأتي المطر ليعود بنا نحو ذلك الماضي الجميل، إلى مرابع الطفولة والصبا ومؤانسات الخلان، وبيتنا القديم، إلى تلك القلوب الطيبة المفعمة بحب الخير، وطهارة الشعور، وتتراءى أمام نواظرنا جلسات ومسامرات أهلنا الطيبين الذين رحلوا عنا وما زالوا يسكنون قلوبنا، ولسان حالنا يلهج بالدعاء لهم بالرحمة والمغفرة وجنات النعيم. بينما ننادي المطر في شوق وحنين: اهطل أيها المطر غزيرا لتبدد أوجاعنا وتغسل خطايانا، وتضمد جروحنا وتجدد أفراحنا، أجل فإن قطرات المطر النقية الصافية تدعونا نحو الصفاء والنقاء، والتطهر من أدران الحقد والضغينة. المطر نعمة عظيمة يجب أن نشكر الله عليها ونتعظ بآياته الكونية. كان من هدي النبي عليه الصلاة والسلام حين نزول المطر أن يحسر عن ثيابه حتى يبتل بماء المطر، ويقول (إنه حديث عهد بربه) ويتبرك منه ويستشفي، وإذا سمع صوت الرعد يقول (اللهم لا تقتلنا بغضبك، ولا تهلكنا بعذابك، وعافنا قبل ذلك)، (سبحان من يسبح الرعد بحمده، والملائكة من خيفته) كما وصف الرعد عليه السلام بالوعيد لأهل الأرض ليتوبوا ويعودوا الى طريق الحق. وثبت ذلك عن صحابته رضوان الله عليهم، وكذلك الدعاء وقت نزول المطر مستجاب بإذن الله تعالى، فأين هذه السنة النبوية الشريفة من أولئك الذين يفزعون من المطر أو يختبئون عنه، والذين يتنافسون بتصوير تساقط المطر، وبعض الشباب هداهم الله الذين يستعرضون بسياراتهم عند نزول المطر وعلى الطرقات المنزلقة فيعرضون أنفسهم وغيرهم للخطر والتهلكة والعياذ بالله. في موسم الأمطار تبذل الجهات المختصة بقيادة وزارة البلدية وهيئة الأشغال وإدارة المرور جهودا مقدرة تبين فاعلية التنسيق والتعاون المشترك، نثمنها لهم بجدارة ونحن نرى آثارها شاهدة في كل مكان من أنحاء بلادنا الحبيبة، إضافة الى إدارة الأرصاد الجوية التي تتابع وترصد حركة الطقس وتغير المناخ وتوافي المعنيين بنشرات مباشرة حول ذلك. مبارك عليكم الحيا يا أهل قطر، جعله الله صيبا نافعا، وأدام علينا نعمة الأمن والرخاء. [email protected]