15 سبتمبر 2025
تسجيلما الذي بقي لم تفعله أنقرة لحث الرياض على الاعتراف بالحقيقة المعروفة للجميع وتماطل هي في الإقرار بها رسمياً ؟!، فالرئيس أردوغان كشف أن السعودية قد اطلعت على التسجيلات الصوتية التي واكبت عملية قتل الكاتب السعودي جمال خاشقجي وتقطيعه والاتصالات التي جرت بين القتلة والسلطات العليا في قصر اليمامة، ولذا فإن الرياض لن تستفيد من المماطلة أو في الإنكار أو حتى في الاستمرار في سرد روايات كاذبة كالتي دأبت عليها منذ انكشاف تورطها الفعلي في هذه الجريمة المروعة، فالعالم بأسره بدا متيقناً بأن صمت نظام السعودية الذي أعقب إنكارها وكذبها ما هو إلا اعتراف ضمني وشبه رسمي بما فعله ولي عهدها الذي يعد في نظر المؤسسات الحقوقية والإعلامية والإنسانية الآمر الفعلي لقتل خاشقجي بهذه الوحشية وتحت إشرافه المباشر، ولا يمكن لمثل هذا التخطيط عالي الدقة أن يكون من بنات أفكار هؤلاء القتلة دون إيعاز من سلطات عليا في المملكة. في المقابل اجتمع ترامب ونظيره التركي الرئيس أردوغان على هامش مؤتمر باريس للسلام الذي يعقد بمناسبة ذكرى انتهاء الحرب العالمية الأولى لمدة 45 دقيقة لم يفصح الطرفان عن ماهية هذه المحادثات التي يُعتقد أن قضية خاشقجي كانت أحد أهم محاور اللقاء، بل ان هذه الرفقة الثنائية امتدت إلى طاولة العشاء الذي أقامها الرئيس الفرنسي في متحف أورسي الباريسي، وفي الوقت الذي ينتظر المراقبون ما يمكن أن تخرج عنه هذه المباحثات بعد تصريحات أردوغان المزعجة للرياض قبيل سفره لفرنسا، كان مدير الاستخبارات السعودي السابق تركي الفيصل في ندوة في نيويورك يكيل المديح لسلطة القضاء في بلاده ويصفه بالنزيه العادل ويعلن رفض الرياض التام لقيام تحقيق دولي لقضية خاشقجي وإقصاء السعودية منه، بل إن الفيصل بالغ في أن الحقيقة التي ينتظرها العالم ستخرج من السعودية فقط، مخالفاً بذلك كل الدلائل والتصريحات التركية التي كشفت عن أجزاء كبيرة من الجريمة التي نفذها أفراد من بلاد الفيصل والذي تجاهل كل الروايات الكاذبة التي دأبت عليها الرياض منذ تفجر قضية اختفاء خاشقجي قبل الإعلان السريع عن قتله في سلسلة حكايات سعودية لم تستقر الرياض على إحداها حتى الآن ويربط هذا الرفض بالرفض الأميركي على قيام تحقيق دولي يكشف اللثام على فضائح سجن أبو غريب في العراق وكأن هذا يقارن بذاك !، فهل يعلم الفيصل أن السعودي خاشقجي قُتل في ممثلية دبلوماسية سعودية على أرض تركية أجنبية ؟!، وهل يعلم أن قتلة هذا الرجل هم 18 رجلاً تتنوع مهامهم ووظائفهم ما بين رجال مقربين من ولي العهد السعودي وبين أطباء شرعيين في النيابة العامة السعودية وخبراء سموم وكيماويات في مختبراتها الجنائية ؟!، هل أخبر أحدكم هذا الفيصل أن قضاء بلاده يتستر حالياً على جريمة وحشية ويرفض الخروج بتحقيقات واقعية تقنع الداخل السعودي الذي بات متخوفاً من سياسة البطش التي يمكن أن يتعرض لها أي منتقد فيهم لسياسة بن سلمان أو لحكومته ووزاراتها وهيئاتها ؟!، هل علم هذا المتبجح بأن النائب العام السعودي قد حضر إلى اسطنبول ليرى ما لدى الأتراك من أدلة وتسجيلات تدين بلاده ولم يقدم شيئاً بالمقابل رغم أنه يمثل القضاء النزيه الذي تفاخر به وأن كل ما فعله المعجب هو تحميل صناديق من حلوى الحلقوم والمكسرات التركية الفاخرة والعودة بها سعيدا إلى الرياض ؟!، وعليه فإننا لا نملك سوى القول بربك أيها الفيصل اصمت !. أضحكني أحد الباحثين السياسيين والذي استضافته الجزيرة قبل يومين في برنامج الحصاد حينما قال «إنه يتوقع أن تكشف الرياض عن كل الحقائق المطلوبة في هذه القضية ولكن اعطوها مدة شهر وسترون بعدها !»، فإن كانت الرياض تقول انها اعتقلت الـ 18 رجلاً الذين حضروا إلى القنصلية وخططوا ونفذوا جريمة خاشقجي فلماذا تحتاج لكل هذه المدة لاستخلاص الحقيقة منهم وقد مضى من الأساس أكثر من شهر منذ إعلان الرياض إمساكها بهم ؟!، ولكن ستبقى جريمة خاشقجي الدليل الباقي على إرهاب نظام لن يستطيع تجميل واجهته بالإضافة إلى ان مأساة اليمن تعد الأكبر التي ستوصم تاريخ المملكة بالعار والدم حتى وإن وقفت الحرب الدامية فيها، فكونوا على قدر العدل الذي طلبه أردوغان فيكم وإلا فانتظروا ما ستحمله وستتحمله أجيالكم من عقبات أفعالكم المخزية، ومن زاركم يوم السبت الماضي واستقبله ملككم وغاب بن سلمان عن استقباله، ما هو إلا الوبال الذي أودى بالرياض إلى المهلكة، بدءاً من التآمر على قطر وحصارها في فجر يوم رمضان ومروراً بالغرق في مستنقع اليمن الدامي ولا أظن أن النهاية ستكون بعواقب هذه الجريمة الآثمة !، تستحقون كل هذا ورب الكعبة !. فاصلة أخيرة: حينما يحضر ابن زايد فالمصائب تنتظر عند الباب !.