11 سبتمبر 2025
تسجيلفي 1850 قام حاكم بلدة أبوظبي بالتعاون مع البحرين بمنع وصول السفن القطرية إلى مغاصات اللؤلؤ الإمارات تستنزف أموال شعبها في المؤامرات ضد قطر والعرب لماذا لم تتقدم الإمارات بطلب لاستضافة أي مونديال عبر تاريخها؟ قطر دعمت دبي في حصولها على تنظيم "إكسبو".. فماذا كان المقابل؟ الأولى أن تعالج حكومة أبوظبي مشاكلها الداخلية وتنعش اقتصاد مواطنيها في عام 1850 م عقد الشيخ محمد بن ثاني - أول حاكم مارس سلطته على جميع أنحاء قطر - معاهدة مع الإمام فيصل بن تركي إمام الدولة السعودية الثانية، وكان الشيخ محمد يرى في الإمام قوة صاعدة وحليفاً استراتيجياً يمكنهما العمل معاً لإحداث توازن في القوى في منطقة شبه الجزيرة العربية التي كانت منهكة من الحروب والمؤامرات، إلا أن هذه المعاهدة أثارت حفيظة حاكم البحرين آنذاك محمد بن خليفة الذي أبدى تخوفه من هذا التحالف القطري - السعودي، وأعد العدة لإجهاض هذه القوة الجديدة في المنطقة، وقام لأجل ذلك بالتحالف مع سعيد بن طحنون رئيس بلدة أبوظبي التابعة في تلك الفترة لساحل عمان، وقام الحلف المضاد بأول حصار بحري على قطر، وكان هدف ابن طحنون من حصار قطر هو منع المحامل القطرية من الوصول إلى مغاصات اللؤلؤ - مصدر الرزق الأول - بينما كانت البحرين تهدف إلى زعزعة استقرار قطر وسيادتها على أراضيها. التاريخ يعيد نفسه بعد مرور 167 عاماً، وها هي أبوظبي في 2017 تعيد نفس المحاولة في استهداف اقتصاد قطر، ولكن هذه المرة عبر شن حرب مالية على دولة قطر بالتعاون مع بنك مغمور في لوكسمبورج للقيام بإجراءات من شأنها تخفيض قيمة سندات قطر وزيادة كلفة تأمينها بهدف خلق أزمة في العملة القطرية، بحيث تضطر حكومة قطر لتغطية هذه الأزمة والاستنزاف للسحب من الاحتياطات السيادية، حتى تكون الدولة عاجزة عن دفع تكاليف إنشاء ملاعب المونديال، وبعد ذلك تبدأ الخطة الإعلامية بتداول هذا الوضع الاقتصادي المتأزم حتى تضطر الفيفا للطلب من قطر إما الانسحاب من تنظيم المونديال أو الموافقة على مشاركة الإمارات وربما دول خليجية أخرى في تنظيمه.. خطة شيطانية ربما لا تخطر على بال إبليس نفسه، والشيطان لا يملك أمام مؤامرات أبوظبي المستمرة منذ تاريخ طويل، إلا أن يصفق ويحتفل وينحني احتراماً لمن تفوق عليه في الخبث والمكر والدهاء. الحقيقة التاريخية تؤكد أن أبوظبي ودبي تشعران بالغيرة والحسد وخيبة الأمل من تفوق قطر في جميع المجالات، سياسياً استطاعت قطر أن تكون محوراً وصانعاً للعديد من الملفات الإقليمية ووسيط سلام معترفا به من القوى العالمية، وتحولت الدولة إلى عاصمة شهيرة للمؤتمرات السياسية الهامة وأصبحت قطر رقماً صعباً في الساحة الدولية تعهد إليها الملفات المستعصية وتكلف بنزع فتيل الأزمات وجمع الفرقاء وإبرام المعاهدات والاتفاقيات. وفي المجال الإعلامي كانت الجزيرة هي القوة الضاربة التي قدمت المايكروفون ولأول مرة إلى الشعوب وكانت هي "المنبر لمن لا منبر له"، واستطاعت القناة بخطها التحريري المتوازن بين الرأي والرأي الآخر أن تكون الملاذ الأخير لشعوب أنهكتها الطواغيت ولعبت بمقدارها الدكتاتوريات التي اعتبرت شعوبها مجرد أرقام في تعداد السكان، هذا بخلاف قدرات قطر الإعلامية الأخرى التي شكلت في مجملها جزءاً من قوة قطر الناعمة. أما في الجانب الرياضي فعملت قطر على تجهيز ملف متكامل للفوز بتنظيم بطولة كأس العالم 2022، وسعت الدولة لتحقيق هذا الإنجاز الذي أعلنت قطر في وقتها أنه إنجاز للعرب جميعاً وليس لقطر فحسب. هنا، وعند نقطة المونديال سأكتفي بالإنجازات التي سردت جزءاً صغيراً منها لأركز على حقد أبوظبي من فوز قطر بتنظيم البطولة العالمية، وقد يستغرب البعض من هذا السعي المحموم لدفع الفيفا لسحب تنظيم المونديال من قطر مرة عن طريق نشر معلومات عن شبهات فساد، ومرات عن سوء معاملة العمال، والآن عن طريق شن حرب اقتصادية على البلاد بهدف زعزعة الاستقرار الاقتصادي والهدف النهائي هو المونديال، ولكن من يقرأ التاريخ سيجد أن المحاولات الصبيانية الظبيانية مستمرة منذ أمد بعيد، لكن بتغير الأشخاص والظروف والأهداف. في تصوري كان يمكن لأبوظبي أن تتقدم بملفها للفيفا لطلب الاستضافة مثلها مثل قطر، وكان يمكنها أن تفوز، وبالتأكيد كنا سنسعد في قطر لهذا الإنجاز الإماراتي، وأنا متأكد أن قطر لن تصاب بالغيرة أو خيبة الأمل من ذلك، بل على العكس ستعرض خدماتها على الشقيق وستشارك بكل حب وامتنان في مساعدة الإمارات على تقديم بطولة تليق بالعرب.. ولكن هنا تختلف المعادن وتظهر أخلاق الرجال، ودولة قطر لها سوابق مشرفة مع أشقائها وهي التي ساعدت دبي على الفوز في معرض إكسبو 2020 التي كانت دبي على وشك خسارته لولا دعم أشقائها خصوصاً قطر التي دعمت الملف الإماراتي حتى الفوز، ولم تعمل في الخفاء على إفشال هذا المشروع، ولن تجند السفراء لعقد المؤامرات والصفقات المشبوهة بغرض ضرب اقتصاد دبي حتى تضطر للانسحاب من تنظيم معرض إكسبو الذي من المتوقع أن يدر عليها مليارات الدولارات! لابد أن تعي أبوظبي أنها لا يمكن أن تنجح بالمؤامرات، ولا يمكنها أن تكون قوة إقليمية بالدسائس والأعمال الشيطانية، ولن تصبح قوة اقتصادية عن طريق إفشال مشروعات الدول الأخرى، وهي في طريقها إلى الإفلاس بعد أن تضررت صناديقها السيادية نتيجة صرف مئات الملايين من الدولارات في إفشال طموحات الشعوب العربية وإثارة الفوضى في المنطقة ودفع المبالغ الطائلة للقراصنة والمخربين بهدف القضاء على النماذج الناجحة في المنطقة.. يجب على أبوظبي أن تعرف أن نجاحها ليس مرهوناً بفشل الآخرين، وأن "سعادتها" ليست عن طريق "حزن" الآخرين.. منطقتنا بحاجة إلى نماذج عديدة للنجاح، ومثل ما نجحت قطر فإن الساحة تتسع للمزيد من الناجحين وليس للمزيد من المتآمرين. وبالعودة إلى النقطة الأولى نجد أن أبوظبي أجلت حل كل مشاكلها السياسية والاقتصادية الداخلية وتوجهت بكل قوتها لمحاولة شيطنة قطر، ودفعت لأجل ذلك مبالغ فلكية لمكاتب الضغط واللوبيات ووسائل الإعلام بخلاف المبالغ الكبيرة التي دفعت لشراء الذمم عن طريق كتاب الأعمدة المؤثرين والقائمين على الصحف والمحطات الفضائية.. كل ذلك لهدف واحد وهو تحطيم النموذج القطري الذي استطاع في فترة زمنية قصيرة أن يكون نموذجاً مشرفاً لكل العرب والمسلمين.. وفي غمرة مساعيها المحمومة لتنفيذ هذا المخطط حاولت حكومة أبوظبي إلصاق تهمة الإرهاب ودعم المتطرفين وأنها تحتضن العناصر المطلوبة أمنياً، وأن قطر تسعى لزعزعة الاستقرار في المنطقة وأنها تقيم علاقات قوية مع إيران.. ولم تنتبه حكومة أبوظبي إلى أنها من ضمن قوائم المتهمين بأحداث 11 سبتمبر وسيطالها قانون جاستا، ولم تنتبه أنها في دائرة الشبهات بعد أن تأكدت الدول المكافحة للإرهاب أن الإرهابيين استخدموا مطارات الإمارات في تنقلاتهم وتواصلهم، كما أن "داعش" استخدم ميناء جبل علي في استيراد مركباته ووسائل النقل! من وجهة نظري أرى أن أولويات حكومة أبوظبي هو أن تعالج تورطها في دعم الإرهاب والتطرف وزعزعة الاستقرار في الدول العربية، وأن تعمل على تنمية الداخل الإماراتي حيث يعاني معظم أبناء الإمارات من ضيق العيش وتناقص الفرص الوظيفية وتزايد الفوارق المادية مع مواطني الإمارات الأخرى.. وأرى أنه يجب على حكومة أبوظبي أن تكف عن شراء العناصر الفاسدة والمتآمرين وأن تحاول أن تصحح مسارها حتى تنجح في أن تكون نموذجاً آخر في المنطقة وهذا الأمر بالتأكيد سيسعدنا في قطر.